عقد هبة العقارات والرجوع عن الهبة من منظور القانون الجزائري
عقد الهبة يجسد أحد أبرز الوسائل التي تؤدي إلى انتقال الملكیة العقاریة بین الأشخاص. ونظار لما یترتب عنها من تألیف في القلوب ومساهمة في تماسك المجتمع. ولكون التبرع مستحبا شرعا. أولى الفقه الإسلامي والفقه المقارن أهمیة لد ارسة هذا التصرف. فتعددت التعاریف الفقهیة لعقد الهبة. واختلف الفقه في الشروط التي وضعها لانعقاد أو لقیام هذا التصرف. ولقد أضفي المشرع الجزائري صفة العقد علیه بموجب المادة 206 من قانون الأسرة. رغم عدم ذكره لعبارة عقد عند تعریفه للهبة في المادة 202 من نفس القانون. وهذا خلافا لما قامت به بعض التشریعات الأخرى التي اعتبرته تصرفا بالإ اردة المنفردة.
ویتسم هذا النوع من العقود بجملة من الخصائص. أبرزها كونه عقدا تبرعیا. یجب لانعقاده أن تتوفر جل أركانه المتمثلة في التراضي والمحل والسبب والحیازة والشكلیة. وأورد التشریع الجزائري هذه الأركان ومجموعة من الشروط الأخرى الواردة لانعقاد هذا التصرف في قانون الأسرة. الذي أحال من جانبه بموجب المادة 222 منه. إلى أحكام الشریعة الإسلامیة في كل ما لم یرد فیه. مما یفید سریان بعض هذه الأحكام على عملیة انعقاد الهبة في العقار ویخضع عقد هبة العقار من أجل إنتاج الأثر العیني فیه. إلى إجرائي التسجیل والشهر لدي الهیئات الإداریة المختصة. ویتعین للقیام بهذین الإجرائين توفر مجموعة من الشروط واردة في مختلف القوانین. ولا تنشأ آثار عقد هبة العقار إلا بعد تمام القیام بهذین الإجرائين.
أولا_ماهي الهبة في العقارات وفق القانون الجزائري:
1_تعريف الهبة:
أورد الفقه عدة تعاریف لعقد الهبة. كما تعددت التعاریف التي وضعتها التشریعات الوضعیة لهذا العقد. وبین التشریع الجزائري مفهوم الملكیة العقاریة في عدة نصوص قانونیة.
_ تعریف عقد الهبة في الفقه:
اختلف الفقه الإسلامي في تعریف عقد الهبة. ویظهر ذلك من خلال الاطلاع على تعاریف المذاهب الإسلامیة الأربع الأكثر انتشارا في الدول ذات الأغلبیة المسلمة. وهذا ما هو الحال علیه أیضا عند الفقه المقارن. عرفت المالكیة الهبة بالقول “الهبة تملیك شيء دون عوض. ولوجه االله صدقة. وتلزم بالقول على المشهور. ولها أركان واهب وموهوب. وصیغة.
_تعريف عقد الهبة في القانون الجزائري:
المشرع الجزائري عرفها بموجب المادة 202 من قانون الأسرة التي تنص: « الهبة تملیك بلا عوض. ویجوز للواهب أن یشترط على الموهوب له القیام بالتزام یتوقف على انجاز الشرط .»
یلاحظ في هذا التعریف إلى جانب تقاربه مع تعریف المذهب المالكي. أن المشرع لم یذكر في تعریفه كلمة عقد. لكن هذا لا یعني إخراج الهبة من طائفة العقود أو نزع صفة العقد منها. وهذا ما یظهر من خلال نص المادة 206 من نفس القانون. التي نصت على أن الهبة تنعقد بالإیجاب والقبول مما یجعلها كسائر العقود. تسري علیها مختلف القواعد العامة الواردة على العقد.
ویستخلص من نص المادة 202 من قانون الأسرة ما یلي:
الهبة تملیك:
یدل هذا أن الهبة وسیلة تنتقل بواسطتها ملكیة المال الموهوب من ذمة الواهب إلى ذمة الموهوب له.
بلا عوض:
یعني هذا أن انتقال ملكیة المال الموهوب تتم بلا مقابل مادي. وتتوفر بهذا نیة التبرع لدى الشخص الواهب. یستفاد إلى جانب ما ذكر. من الفقرة الثانیة من نص المادة 202 من قانون الأسرة أنه یجوز للواهب أن یشترط على الموهوب له القیام بالتزام یتوقف انعقاد الهبة وتمامها على انجازه. وأكدت غرفة الأحوال الشخصیة للمحكمة العلیا في القرار رقم 197336 الصادر بتاریخ 1998/06/16 على ذلك بتقریرها: “من المقرر قانونا أنه یجوز للواهب اشتراط التزام یتوقف تمام الهبة على انجازه. ومادام عقد الهبة لا یتضمن أي شرط للعنایة بالواهبة أو أي التزام نحوها من طرف الطاعن فإن القضاة بقضائهم بإلغاء عقد الهبة عرضوا قرارهم للنقض “.
2_خصائص عقد هبة العقار:
یتسم عقد الهبة الوارد على عقار بجملة من الخصائص یستمد منها الفهم الكامل لماهیة هذا التصرف تتمثل فیما یأتي
_ انه تصرف في مال بلا عوض:
یتصرف الواهب بموجب عقد الهبة فیما یملكه بنیة التبرع. دون أن یحصل على عوض فیلتزم بمقتضاه بنقل ملكیة عین معینة إلى الموهوب له دون أن ینتظر من هذا الأخیر مقابل. وینتج عن عقد الهبة اثراء في جانب الموهوب له وافتقار من جانب الواهب. یكون هذا الاثراء نتیجة الافتقار بسبب عقد الهبة. لا اثراء بلا سبب .ویشكل الافتقار الناتج في الشخص الواهب العنصر المادي في عقد الهبة.
_ توفر نیة التبرع لدى الواهب:
تفسر نیة التبرع روح التملیك المجاني. وتشكل عنصر حاسم في دفع الشخص الى تقدیم الهبة. وتجسد بذلك نیة التبرع العنصر المعنوي في عقد الهبة . فقد یتصرف الشخص في مال له دون أن یشكل ذلك هبة نظرا لعدم توفر عنصر النیة. ویكون ذلك مثل حین یفي الشخص بالتزام طبیعي. فهو بذلك یفي بدین له ولا یتبرع. على الوفاء به. ومن أمثلة الالتزام الطبیعي أن یجهز الوالد ابنته للزواج أو أن یعطي لابنه المهر ليعینه على الزواج.
_ انه عقد شكلي:
ألزمت المادة 206 من قانون الأسرة إفراغ عقد الهبة في الشكل الرسمي متى كان محلها عقارا أو حقا عینیا. واذا تخلف هذا الشكل تعد الهبة باطلة طبقا لنص الفقرة الثانیة من نفس المادة. وكذلك طبقا لنص المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني.
وتستقر القوانین على اشتراط هذه الشكلیة في التصرفات التبرعیة نظرا لكونها عقود احتفائیة . وتصرفات خطیرة على الشخص الواهب نفسه وعلى عائلته ودائنیه.
ونعني بالشكل الرسمي تحریر عقد الهبة على ید موظف عام أو ضابط عمومي واخضاعه للتسجیل والشهر لدى شخص مخول له قانونا وفقا للأشكال القانونیة. و المصالح الإداریة المختصة. ویلاحظ أن الفقهاء المسلمین لا یتطلبون لانعقاد الهبة أن تفرغ في ورقة رسمیة. وبهذا تبین اختلاف موقفهم مع ما هو سائد في القوانین الحدیثة. لكن لا یعتبر هذا الشرط مخالف لأحكام الشریعة الإسلامیة بما أنه مقرر لحمایة مصالح المتعاقدین.
_ انه عقد یرد على ملكیة عقاریة:
یكون محل عقد هبة العقار دائما عقارا. سواء كان عقارا بطبیعته أو عقارا بالتخصیص أو عقارا بحسب الموضوع.
3_تمییز عقد الهبة عن التصرفات المشابهة له:
یختلط عقد الهبة في مجموعة من الخصائص والمقومات مع بعض العقود والتصرفات الأخرى. ومن المؤكد أن فهم ماهیة عقد الهبة یستدعي تمییزه عن التصرفات التي تشترك معه في بعض العناصر.
_تمییز عقد الهبة عن الوصیة:
تشتبه الهبة مع الوصیة في كون كل منهما من العقود التبرعیة. إلا أنهما یختلفان في عدة أوجه وهي:
الوجه الأول:
تنعقد الهبة بالتراضي على خلاف الوصیة التي تعد تصرفا قانونیا یصدر بالإرادة المنفردة للموصي .
الوجه الثاني:
لا یسمح للواهب في الأصل بالرجوع عن تصرفه إلا في بعض الحالات المحددة قانونا. أما الموصي فیجوز له الرجوع عن وصیته في أي وقت ما دام على قید الحیاة وهذا عملا بالمادة 192 من قانون الأسرة.
الوجه الثالث:
یشترط في الهبة الرسمیة متى كان محلها عقار. أما الوصیة فلم تشترط الشكلیة لانعقادها. ولم یشترط فیها التشریع الكتابة إلا لإثباتها بموجب المادة 191 من قانون الأسرة.
الوجه الرابع:
إن الهبة غیر مقیدة بقدر معین. وهذا ما نصت علیه المادة 205 من قانون الأسرة بصریح العبارة « یجوز للواهب أن یهب كل ممتلكاته أو جزء منها عینا. أو منفعة. أو دینا لدى الغیر .»
أما الوصیة فلا تصح إلا في حدود ثلث التركة. ویتوقف ما زاد عن ذلك على إجازة الورثة تطبیقا لنص المادة 185 من قانون الأسرة .
الوجه الخامس:
تعرف الوصیة بأنها تملیك مضاف إلى بعد الوفاة بطریق التبرع. ومن هنا یظهر أن الوصیة تختلف أیضا مع الهبة في كون هذه الأخیرة تشكل تملیكا یثبت في الحال. أما الوصیة فلا یتحقق التملیك بها إلا بعد وفاة الموصي .
_تمییز عقد الهبة عن عاریة الاستعمال:
تتم عاریة الاستعمال مثل عقد الهبة دون عوض. لكنها كذلك تختلف معها في العدید من الأوجه هي:
الوجه الأول:
ینقل عقد الهبة الملكیة متى انعقد بشكل صحیح. عكس عقد العاریة الذي لا ینقل ملكیة المال المعار. بل ینقل حیازة العقار على سبیل الانتفاع.
الوجه الثاني:
یكون المستعیر في عقد العاریة ملزما بإرجاع الشيء المستعار إلى المعیر عند نهایة المدة أو الغرض المحدد لذلك. على عكس عقد الهبة الذي لا ینشئ مثل هذا الالتزام.
الوجه الثالث:
یخضع عقد الهبة للشكلیة وهي ركن لانعقاده. بینما لا یتطلب التشریع لانعقاد العاریة الشكل الرسمي. ویكفي لانعقادها تراضي المتعاقدین.
_تمییز عقد الهبة عن الصدقة:
تشترك الهبة مع الصدقة في كون كلیهما تصرفین یردان على سبیل التبرع في حیاة الشخص القائم بهما غیر أنهما یختلفان في عدة أوجه هم:
الوجه الأول:
یتم التملیك في الصدقة لصالح محتاج بغیة رضا الله وطمعا في ثواب الآخرة. أما الهبة فتنعقد لصالح محتاج أم غیر محتاج.
الوجه الثاني:
یجوز الرجوع في الهبة في الحالات المنصوص علیها قانونا. بینما لا یجوز قانونا وشرعا الرجوع عن الصدقة.
الوجه الثالث:
تنعقد الهبة بتوفر الأركان المنصوص علیها بموجب المادة 206 من قانون الأسرة بینما تتم الصدقة بمجرد الرضا.
_تمییز عقد الهبة عن عقد البیع:
یشترك عقد الهبة مع عقد البیع في كون كلیهما یعتبر عقدا ناقلا للملكیة. تشترط فیه الرسمیة متى ورد على عقار. لكنهما یختلفان فیما یلي:
الوجه الأول:
یعد عقد الهبة تصرفا تبرعیا بحیث یتجرد فیه الواهب من ماله دون عوض. أما عقد البیع فهو من عقود المعاوضة. یحصل البائع على عوض نقدي في مقابل التنازل عن ملكه.
الوجه الثاني:
یكون عقد الهبة في الأصل عقدا ملزما لجانب واحد. هو الواهب. أما عقد البیع فیكون دائما ملزما لجانبین یلتزم فیه البائع بنقل ملكیة المبیع إلى المشتري. وفي المقابل یلتزم المشتري بدفع ثمن المبیع.
الوجه الثالث:
إذا تمت الهبة بعوض فقد یكون هذا العوض نقدي كما یجوز أن یكون غیر ذلك. أما عقد البیع فیجب أن یكون التزام المشتري مقدما في شكل نقدي وهذا عملا بالمادة 351 من القانون المدني. ویجب أیضا أن یكون الثمن الذي یدفعه المشتري نقدا حقیقیا وجدیا.
الوجه الرابع:
یجوز للواهب الرجوع في عقد هبة العقار في الحالات الواردة قانونا. بینما لا یجوز الرجوع في البیع بإرادة البائع المنفردة.
_تمییز عقد الهبة عن عقد الإیجار:
عقد الإیجار من العقود الملزمة للجانبین كما هو الحال في عقد الهبة إذا اقترن بعوض. غیر أن العقدین مختلفین في العدید من الأوجه تتمثل فیما یلي:
الوجه الأول:
یشكل عقد الإیجار عقد معاوضة یحصل فیه المؤجر على أجر مقابل تأجیره لما یملكه. بینما یعد عقد الهبة عقدا تبرعیا. فالهبة تملیك لمال بلا عوض.
الوجه الثاني:
ینشئ عقد الإیجار حقوقا شخصیة في ذمة كل من المؤجر والمستأجر. ولا یرتب حقا عینیا على الشيء المؤجر. خلافا للهبة التي تنشئ الأثر العیني وتنقل الملكیة.
الوجه الثالث:
ینشئ عقد الهبة أثرا نهائیا لا رجوع فیه إلا في الحالات المستثناة قانونا. بینما یكون عنصر الزمان جوهریا في عقد الإیجار. فهو عقد مؤقت ترتبط فیه الأجرة والمدة. فالمدة هي مقیاس الانتفاع بالشيء المؤجر. والأجرة فیه مقابل الانتفاع .
4_أحكام هبة المریض مرض الموت:
أورد المشرع الجزائري أحكاما خاصة تسري على هبة المریض مرض الموت. ویعرف هذا الأخیر بأنه المرض الذي یغلب فیه خوف الموت. ویعجز فیه المریض عن رؤیة مصالحه. ویموت على ذلك الحال قبل مرور سنة . ومنه نستخلص أنه یشترط لتوفر حالة مرض الموت الشروط التالیة:
أن یعجز المریض عن قضاء حاجاته:
یكون في هذه الحالة المریض عاجزا عن إتیان حاجاته بنفسه ولیس بالضرورة أن یلازم الفراش. ولا یعتبر الشخص المسن والذي جعلته الشیخوخة في حاجة إلى مساعدة شخص أخر لقضاء حاجته في حالة مرض الموت. وهذا ما یفید أنه لا یقال عن التصرف أنه صدر في مرض الموت. إلا إذا ثبت أن هذا المرض هو من أعجز الشخص عن أداء مصالحه العادیة المألوفة التي یستطیع الأصحاء مباشرته.
أن یغلب في المرض خوف الموت:
ویكون ذلك حینما یكون المرض مرضا خطيرا وهو من الأمراض التي تنتهي بالموت عادة
أن ینتهي بالموت فعلا:
لا یكفي أن یعجز الشخص عن أداء حاجاته بنفسه. وأن یكون في مرض مخیف. بل یجب أن ینتهي هذا المرض بالموت فعلا. ولقد حدد الفقهاء المعیار الزمني لمرض الموت بسنة كاملة.
إذا مات الشخص قبل سنة فیعتبر الشخص في حالة مرض الموت. وبالتالي تنطبق علیه أحكام المادة 776 من القانون المدني التي تنص الفقرة الأولى منها: « كل تصرف قانوني یصدر عن شخص في حالة مرض الموت بقصد التبرع یعتبر تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت. وتسري علیه أحكام الوصیة أیا كانت التسمیة التي تعطى إلى هذا التصرف .».
وهذا ما أكدت علیه المادة 204 من قانون الأسرة التي اعتبرت الهبة في مرض الموت والأمراض والحالات المخیفة وصیة. ومن خلال نص المادتین المذكورتین نستنتج أنه إذا كانت قیمة الشيء الموهوب به وقت الموت تقل عن ثلث التركة. صحت الهبة. إلا إذا كان الموهوب له وارثا. إذ لا وصیة لوارث طبقا للمادة 189 من قانون الأسرة.
أما إذا كانت قیمة الهبة المبرمة لغیر وارث تزید عن الثلث وقت الموت فهي. تصح في حدود الثلث. وما ازد عن ذلك توقف عن إجازة الورثة. فإذا لم یجیزوا ذلك وجب على الموهوب له أن یرد إلى التركة ما زاد عن الثلث. أما في حالة تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب. وكان حسن النیة قبل رفع دعوى الاستحقاق التي یرفعها الورثة علیه مطالبین إیاه بما ازد عن الثلث. فیصح تصرفه مالم یثبت سوء نیته. أما إذا كان التصرف تم بعد شهر دعوى الاستحقاق. فلا یسري هذا التصرف في مواجهة الورثة.
ثانيا_شكلیات نفاذ عقد هبة العقار:
ألزم التشریع الجزائري إخضاع المحرارت المتضمنة التصرفات العقاریة لمجموعة من الاجراءات لا تنتقل الملكیة العقاریة دون القیام بها. تتمثل أولا في في وجوب أن تكون هذه ُ المحرارت محل تسجیل. وهذا ما یمكن الدولة من تحصیل مختلف الرسوم. والضرائب التي تخضع لها المعاملات محل هذه المحرارت . كما ألزم القانون الجزائري على غرار معظم التشریعات الوضعیة الأخرى. لترتیب الأثر العیني في المعاملات العقاریة. أن یتم شهر مختلف العقود والمحرارت المتضمنة لهذه المعاملات.
یراد من إخضاع المحرارت الناقلة للملكیة العقاریة للتسجیل والشهر. تحقیق أهداف منها تلك المتعلقة بتشجیع الائتمان وتحقیق الاستقرار في هذه المعاملات. ومنها تلك المتعلقة من تمكین الدولة من تحقیق المداخیل على معاملات اقتصادیة ترد على هذه العقارات. وكذلك التمكن من إنشاء تسجل وطني یتضمن كل المعلومات والبیانات القانونیة المحددة لطبیعة وحالة جمیع العقارات.
1_ تسجیل عقد هبة العقار:
تشكل عملیة تسجیل عقد الهبة الوارد على العقار مرحلة أساسیة وحاسمة لتجسید انتقال الملكیة العقاریة. وذلك لإشتراط التشریع الجزائري في المحررات الخاضعة للشهر. إلى جانب تحریرها في الشكل الرسمي أن تكون قد خضعت للتسجیل في مصلحة الضرائب المختصة ویقع على الموثقین القیام بعملیة التسجیل بإحترام الاجراءات القانونیة المنظمة لهذه العملیة.
یلي تحریر العقد من قبل الموثق وفقا للأشكال القانونیة. قیام هذا الأخیر بتسلیمه إلى مكتب التسجیل المختص إقلیمیا. وهو مفتشیة التسجیل لمكان وجود العقار محل العقد . وحینئذ یتأكد مفتش التسجیل من توفره على جمیع البیانات المشترطة قانونا في العقود الرسمیة. وخصوصا:
_اسم الموثق وعنوان مكتبه. وتاریخ عقد الهبة. وكذا اسم ولقب وتاریخ ومكان ازدیاد ومقر سكن كل من الواهب والموهوب له.
_یجب تعیین المحل الموهوب الذي یكون عقارا أو حقا عینیا عقاریا. ولابد أن یكون التعین دقیقا منافیا للجهالة من حیث محتویاته. عنوانه مساحته وتاریخ شهره بالمحافظة العقاریة بالمجلد أو الرقم.
_أصل الملكیة حیث یلتزم الواهب بإعطاء جمیع المعلومات لإثبات أن الملك الموهوب ملك له حقا. فمفتش التسجیل يارقب أیضا أن المحل الموهوب لیس ملكا للغیر. كذلك یجب ذكر قیمة الشيء الموهوب. لأنه على أساسها یتم اقتطاع حقوق التسجیل. ویتأكد مفتش التسجیل كذلك من أن هذه المعلومات هي نفسها الواردة في ملخصات العقود. وكذا الكشوف الإجمالیة.
والرسم المستحق على الهبات یقدر بى 5 ٪من قیمة العقار المصرح بها من طرف المتعاقدین. غیر أنه إذا تمت الهبة بین الأصول والفروع من الدرجة الأولى والأزواج. فإنها تستفید من الإعفاء من رسم التسجیل.
2_ شهر عقد هبة العقار:
اشترط المشرع الجزائري لانتقال الملكیة العقاریة والحقوق العینیة الأخرى في العقار. سواء فیما بین المتعاقدین أو في مواجهة الغیر. أن تراعى القواعد القانونیة المسیرة لمصالح الشهر. أي أن یشهر العقد المتضمن التصرف الناقل للملكیة. وهذا ما یسمح بتحقیق أهداف مختلفة .
ولقد ورد هذا الشرط بموجب المادة 793 من القانون المدني. وأكد الأمر رقم 75-74 المتضمن إعداد مسح الأ ارضي العام. على هذه القاعدة فور صدور كل منهما. ویخضع القیام بهذا الإجراء لمجموعة من الشروط .
تبدأ عملیة الشهر حین إیداع المحرر من قبل الموثق لدى المحافظة العقاریة المختصة. وتنتهي حین التأشیر من قبل المحافظ العقاري على الدفتر العقاري وعلى مجموعة البطاقات العقاریة .
كما یترتب عن القیام بهذا الإجراء مجموعة من الآثار. سواء بین المتعاقدین أو في مواجهة الغیر .
یخضع عقد هبة العقار حین تسلیمه للشهر لمجموعة من الإجراءات. تبدأ بإیداعه في المحافظة العقاریة من قبل الشخص المحرر له. وتنتهي حین تنفیذ المحافظ العقاري لإجراء الشهر.
_ الإیداع القانوني للعقد:
یتعین على محرر العقود الرسمیة في الشكل المتطلب قانونا. أن یقوم بعملیة إیداع الوثائق لدى المحافظة العقاریة قصد شهرها. وذلك ضمن الآجال المحددة في المادة 99 من المرسوم التنفیذي رقم 76-63 المعدل والمتمم. تحت طائلة الجزاءات القانونیة.
فیتم إیداع المحررات الخاضعة للشهر من طرف الأشخاص المؤهلین لتحریرها. وهم كتاب الضبط والموثقون والسلطات الإداریة. ویقوم هؤلاء عملیا بإیداع الوثائق مباشرة أو من طرف أعوان ومساعدین یعینونهم بموجب وثیقة رسمیة سیستظهرها هؤلاء الأعوان والمساعدین عند كل عملیة إیداع أو سحب لهذه العقود و الوثائق . وفي حالة رفض الإیداع ترجع الوثائق إلى محررها.
أما في حالة قبولها فیتم تدوین ذلك في سجل للإیداع. یلتزم بمسكه المحافظ العقاري ویسجل فیه یومیا وحسب الترتیب العددي تسلمات مختف المحررات الخاضعة للشهر. وهذا عملا بنص المادة 41 من المرسوم التنفیذي رقم 76-63. ویسلم في حالة قبول الإیداع إلى المودع وصل استلام یشار فیه إلى مراجع الإیداع. وتاریخه. ومرتبته.
_ تنفیذ إجراء الشهر:
یلي إیداع المحرر للشهر وفقا لما تقتضیه القوانین. قیام المحافظ العقاري بالتأكد من عدم وجود أیة مخالفة أو خطأ عند الإیداع. وبالتأكد من استیفاء المحرر لقاعدة الشهر المسبق. وقاعدة الرسمیة وكذا القواعد المتعلقة بهویة الأطراف. وتعیین العقارات. وبعد ذلك یقوم المحافظ العقاري بجملة من الاجراءات داخل المحافظة العقاریة تودي إلى شهر الوثیقة. عبر التأشیر بذلك على البطاقات العقاریة التي تكون منشاة سلفا. وفقا لما تنص علیه القوانین والتنظیمات. ویجب أن یشمل التأشیر عل هذه البطاقات على إظهار تاریخ الشهر ومراجعه. وأن یبین كذلك:
_ تاریخ العقود والقرارات القضائیة أو الوثائق.
_ نوع الاتفاقات أو الشروط أو التسجیلات التي تم شهرها.
_الموثق أو السلطة الإداریة أو القضائیة المصدرة للمحرر.
_ المبلغ الأساسي للثمن أو التقدیر أو المعدل.
_مبلغ الدین ومجموع الملحقات المضمونة.
ویجب أن یكون التأشیر بكیفیة واضحة بالحبر الأسود الذي لا یمحي. كما یجب أن یؤشر بالتصرف على الدفاتر العقاریة التي تعد سندات ملكیة یتحصل علیها الأفراد. وهذا الدفتر یتم ضبطه في كل مرة یتم فیها القیام بتصرف یخص العقار المقید فیه. بحیث یودعه المالك السابق بمناسبة القیام بإجراء لدى المحافظة العقاریة. ویتسلمه المالك الجدید.
ثالثا_الرجوع في الهبة:
یجوز للواهب ضمن شروط معینة أن یرجع في الهبة. اجتهد الفقه في وضع مفاهیم لهذه الواقعة تشتمل على تعریفها وتكییفها القانوني.
اختلف الفقه الإسلامي في مشروعیة الرجوع في هذا العقد. فذهب جمهور الفقه إلى تحریم هذا الرجوع في الأصل. فیما سلمت الحنفیة بجوازه . ونظرا لكون التشریعات العربیة تستنبط الأحكام الساریة على التبرعات من الفقه الإسلامي. فقد اختلفت في الأحكام التي سنتها لتنظیم هذه الواقعة. فسرت معظمها على نهج المذهب الحنفي. فیما سرى البعض الأخر ومن بینها التشریع الجزائري على نهج الجمهور.
استقر الفقه على أن الرجوع في الهبة متى كان جائزا یتم إما عن طریق التراضي أم عن طریق التقاضي . ویرتب متى تم بشكل صحیح مجموعة من الآثار. تسرى بین المتعاقدین وفي مواجهة الغیر .
1_مفهوم الرجوع في الهبة:
اجتهد الفقه في وضع تعارف متعددة للرجوع عن الهبة. فقد عرفه محمود لطفي بالقول: “ینصرف الرجوع في عقد الهبة إلى زوال عقد الهبة بإرادة طرف واحد لسبب من الأسباب المحددة قانونا .”
كما عرف فتح أكثم حمد الله تفاحة الرجوع في العقد بصفة عامة بقوله: “رد العقد القابل لذلك والعودة إلى حال ما قبل العقد وفق شروط مخصوصة .”
كما عرف جمال الدین طه العاقل الرجوع في الهبة بقوله بأنه ”عود الواهب في هبته بالقول أو بالفعل بغیة ارتجاعها واستردادها من الموهوب له رضاء أو قضاء وفق شروط معینة .” والملاحظ أن هذا العریف أكثر دقة وشمولیة من التعاریف الأخرى. إذ أنه ینطبق على الرجوع في الهبة بالتراضي. كما ینطبق على الرجوع في الهبة بالتقاضي . على عكس التعاریف الأخرى التي یلاحظ أنها تعرف الرجوع خصوصا عبر تبیان أثاره.
2_لرجوع في الهبة في الفقه الاسلامي:
كیف الفقه الإسلامي بالإجماع الرجوع في الهبة بالتقاضي على أنه فسخ لها . ویقول في هذا الصدد عبد الرازق أحمد السنهوري: ”فإذا راى القاضي أن العذر الذي یقدمه الواهب للرجوع في هبته عذرا مقبولا. قضي بفسخ الهبة. وابطله.
ومن هنا نرى أن الرجوع بالتقاضي في الهبة هو فسخ قضائي لها. بناء على طلب الواهب. یسوغه عذر مقبول متروك لتقدیر القاضي كما هو الأمر في فسخ العقد بصفة عامة “.
أما الرجوع عن الهبة بالتراضي. فیري أغلب الفقه أنه إقالة منها. والتقایل اصطلاحا هو اتفاق یرد على العقد. بعد تكوینه تكوینا صحیحا یهدف من خلاله إلى حل الرابطة التعاقدیة. والتقایل بهذا المعني یعتبر سببا من أسباب انحلال العقد تم بإیجاب وقبول كما في العقد الأصلي. والأصل أن التقایل لیس له أثر رجعي ولا یمس بمصالح الغیر.
3_موقف التشریع الجزائري من الرجوع في الهبة:
یحرم التشریع الجزائري في الأصل الرجوع في الهبة. ویجیزه استثناءا وفي حدود شروط معینة تماما كما هو الحال عند الفقه المالكي. ویلاحظ في هذا الخصوص هو عدم ذكر التشریع الجزائري لجل موانع الرجوع التي اقرها الفقه المالكي. وذلك ما یثیر نقاش حول مدى جواز الأخذ بها.
_مدي مشروعیة الرجوع في الهبة في القانون الجزائري:
سرى التشریع الجزائري . على عكس معظم التشریعات العربیة الأخرى. ومن بینها التشریع المصري والتشریع اللبناني والتشریع السوري والتشریع الإما ارتي والتشریع السوداني التي أخذت كلها بوجهة نظر المذهب الحنفي في مسألة إجازة الرجوع في الهبة. فلم یجز قانون الأسرة الرجوع في الهبة إلا في حالة هبة الوالد لولده. وهذا ما أكدت علیه المادة 211 من قانون الأسرة بنصها «: للأبوین حق الرجوع في الهبة لولدهما مهما كانت سنه إلا في الحالات التالیة
_إذا كانت الهبة من أجل زواج الموهوب له.
_ أو كون الهبة لضمان قرض أو قضاء دین.
_ في حال تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب ببیع. أو تبرع منه أو أدخل علیه ما غیر طبیعته.
أخذ بهذا المشرع الجزائري نهج جمهور الفقهاء. فلم یجز الرجوع عن الهبة إلا استثناء. تنص كذلك المادة 212 من نفس القانون: « الهبة بقصد المنفعة العامة لا رجوع فیها .» وهذا تأكیدا لمبدأ عدم جواز الرجوع في الهبة إلا في الحالات التي أجازها القانون.
وما یلاحظ أیضا هو أن المشرع الجزائري أورد موانع تحل دون أن یحق للوالد أن یرجع في الهبة التي یقدمها لولده.
وتتمثل هذه الموانع كما حددتها المادة 211 من قانون الأسرة في:
_ مانع كون الهبة مقدمة لزاوج الموهوب له:
أستمد هذا المانع من الفقه المالكي. الذي یقر أنه إذا وهب الأب ابنه مالا بغیة مساعدته على الزواج. فذلك یسقط حقه في الرجوع عن هبته. ولو لم یتزوج الولد في الوقت المطلوب.
_ مانع كون الهبة مقدمة لضمان قرض أو قضاء دین:
یبرر هذا المانع من الرجوع بأن المال الموهوب أصبح ضامنا للقرض المترتب في ذمة الموهوب له أو للوفاء بدین علیه. فتكون الهبة الصادرة لهذه الأغراض لازمة منذ صدورها. وذلك لتحقق غرض الواهب منها. وهو تسدید الدین أو ضمان القرض. ومن ثم لا یجوز الرجوع فیها دون رضا الموهوب له. _إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب له:ببیعه أو تبرع به أو أدخل علیه ما غیر طبیعته.
4_أشكال الرجوع عن عقد هبة العقار
_ الرجوع في هبة العقار بالتراضي:
تتحقق حالة الرجوع في هبة العقار بالتراضي حین یكون كل من الواهب والموهوب له متراضیان على فعل إرجاع الموهوب به إلى ذمة الشخص الواهب. وهذا ما یشكل إقالة من الهبة.
والتقایل یعرف بأنه انحلال الرابطة التعاقدیة باتفاق الطرفین. ویتم بإیجاب وقبول جدیدین. یستلزم التقایل كعقد توفر الشروط اللازمة لصحة وانعقاد أي عقد من العقود. ویلزم أیضا لحصول التقایل أن یكون في مقدور الطرفین تحقیق الهدف من ذلك. وهي إزالة العقد . وما ینتج عنه. واعادة طرفیه إلى الحالة التي كانا علیها عند إبرامه .
وجدیر بالذكر أن الرجوع عن الهبة بالتراضي یتم في جمیع الأحوال. سواء وجد مانع من موانع الرجوع أو لم یوجد. ویتم تحریر هذا العقد من قبل موثق. لكون هذا الرجوع یتم بعقد رضائي یطلق علیه عقد التقایل.
ومتى كان عقد الهبة المراد الرجوع عنه عقدا رسمیا لوروده على عقار. یجب أن یحرر عقد الرجوع كذلك في الشكل الرسمي. وهذا ما استقر علیه الاجتهاد القضائي الجزائري. فیخضع عقد الرجوع عن الهبة العقاریة إلى نفس الشروط والاجراءات التي خضع لها عقد الهبة.
حيث یدخل هذا العقار في تركة الموهوب له وینتقل إلى ورثته بمجرد وفاته. لهذا یذكر مصطفي عبد الجواد حجازي أن الهدف من اشتراط الرسمیة في الإقالة من هبة العقار هو تمكین أسرة الواهب. والغیر بالعلم برجوع المال الموهوب إلى ذمة الواهب. ویترتب عن الرجوع في الهبة بهذا الشكل إرجاع المتعاقدین إلى الحالة التي كانا علیها قبل إبرام العقد.
_ الرجوع في هبة العقار بالتقاضي:
تشترط معظم التشریعات العربیة من الواهب الذي یرید ممارسة حقه في الرجوع عن هبته دون رضاء الموهوب له. أن یلجأ إلى القضاء لیطالب بتكریس هذا الحق. فتنص المادة 500 من القانون المدني المصري: « یجوز للواهب أن یرجع في الهبة إذا قبل الموهوب له ذلك. فإذا لم یقبل الموهوب له جاز للواهب أن یطلب من القضاء الترخیص له في الرجوع. متى كان یستند في ذلك إلى اعذار مقبولة ولم یوجد مانع من الرجوع .»
یرى عمر حمدي باشا أن نفس هذا الحكم یسري على الرجوع في الهبة بالإرادة المنفردة في الجزائر. فحسبه إذا لم یتارضى الوالد الواهب والولد الموهوب له حول الرجوع في الهبة. لم یبقي للأول إلا اللجوء إلي القضاء للمطالبة بتكریس حقه في هذا الرجوع. متى ثبت له. ولم توجد إحدى موانع الرجوع التي أوردها التشریع الجزائري في المادة 211 من قانون الأسرة.
غیر أنه أكد القرار الصادر عن المحكمة العلیا بكل غرفها مجتمعة في الملف رقم 444499 بتاریخ 2009/02/23 أنه یجوز للأبوین الرجوع في هبتهم لولدهم دون اللجوء إلى التقاضي وعبر الاكتفاء بالتصریح بذلك أمام الموثق.
یبرر هذا الموقف أولا بكون التشریع الجزائري استنبط الأحكام الساریة على عقد الهبة من الفقه المالكي الذي اعتبر الهبة عقد لازم مثل البیع. والرجوع فیها غیر جائز إلا في حالة الاعتصار. الذي یتم دون رضاء الولد الموهوب له. وثانیا بكون الرجوع عن الهبة في هذا الشكل لا یهدد استقرار المراكز القانونیة.
5_آثار الرجوع في عقد هبة العقار:
یترتب عن الرجوع في الهبة بأي شكل من الأشكال القانویة. مجموعة من الآثار. ترد سواء فیما بین المتعاقدین. أو في مواجهة الغیر.
_ آثار الرجوع في الهبة بین المتعاقدین:
یترتب على الرجوع في الهبة بالتراضي أو بالتقاضي اعتبار الهبة كأن لم تكن
فترجع ملكیة الموهوب به إلى ذمة الشخص الذي كان واهبا. ویسترده إذا كان قد سلمه للموهوب له. ولا یلزم بتسلیمه إذا كان لم یسلمه بعد .
وفي حالة هلاك الشيء الموهوب في ید الموهوب له بعد أن تم الرجوع في الهبة. یتم التمییز بین حالتین:
الحالة الأولي: یكون فیها الهلاك بفعل الموهوب له فیكون هذا الأخیر ضامنا لهذا الهلاك فوجب علیه تعویض الواهب.
الحالة الثانیة: یكون فیها الهلاك نتیجة لسبب أجنبي عن الموهوب له. فتكون تبعیة الهلاك على الواهب ما لم یكن قد أعذر الموهوب له بالتسلیم قبل أن یهلك الموهوب به. فالهلاك في هذه الحالة یكون على الموهوب له. أما ثمرات الموهوب به فتظل ملكا للموهوب له إلى حین الرجوع بالتراضي أو تبلیغ الموهوب له بدعوى رجوع الواهب. وللموهوب له أن یرجع على الواهب بكل المصاریف الضروریة التي أنفقها على ٕذا كانت المصاریف نافعة الشيء الموهوب.
_ آثار الرجوع في الهبة بالنسبة للغیر:
یقوم الموهوب له في هذه الحالة بإبرام تصرف على العقار الموهوب به قبل أن یقوم الواهب بالرجوع في هبته. وفي هذه الحالة یسري على الغیر الذي یكون قد اكتسب حقا على العقار الموهوب بموجب تصرف الموهوب له ما یلي:
_إذا كان تصرف الموهوب له ناقلا للملكیة كالبیع أو الهبة أو الوقف وصدر هذا التصرف قبل أن یقوم الواهب له بممارسة حقه في الرجوع. أي قبل شهر دعوى الرجوع. أصبحت الهبة لازمة ولا یمكن الرجوع عنها.
أما إذا صدر تصرف الموهوب له الناقل للملكیة بعد شهر دعوى الرجوع. فإنه لا یسري في مواجهة الواهب الذي سیسترجع الموهوب به مطهرا من أي حق للغیر بعد أن یشهر الحكم المكرس لحقه في الرجوع. فلا یبقي في هذه الحالة للمتصرف إلیه إلا الرجوع على الموهوب له.
إذا كان تصرف الموهوب له قد ترتب حقا عینیا على العقار الموهوب. ففي هذه الحالة تختلف الآثار حسب ما إذا كان تصرف الموهوب له صادرا قبل شهر دعوى الرجوع أو بعده. فإذا تم التصرف قبل شهر الدعوى فیسترجع الواهب العقار مثقلا بالحق العیني المترتب علیه. أما إذا صدر هذا التصرف بعد شهر دعوى الرجوع لدى المحافظة العقاریة المختصة فإن هذا التصرف لا یسري في مواجهة الواهب الذي یسترجع عقاره خالیا من كل حق للغیر. ویبقى لهذا الغیر أن یرجع على الموهوب له بالتعویض. عملا بالقواعد العامة.
المصادر:
_قانون الأسرة الجزائري.
_القانون المدني الجزائري.
_قانون التسجيل والطابع.
_مدكرة تخرج انيل شهادة الاستر الموسومة بعنوان: عقد هبة العقار في التشريع الجزائري
م