التأخر التكنولوجي يعيق نمو التجارة الالكترونية في البلدان النامية
تعد التجارة الإلكترونية جزءا من علم الاقتصاد ومن التجارة التقليدية. ولها علاقة وثيقة بالعلوم الأخرى مثل الإدارة والقانون، اذ تتطلب بيئة ادارية وتنظيمية مناسبة لإدارتها. و قانونية لحماية المتعاملين بها.
ويؤكد خبراء الاقتصاد ان الثورة الصناعية الثالثة التي تركز على صناعة البرمجيات والإنترنت والفضائيات المفتوحة، بدأت مع ظهور الكمبيوتر. مما احدث تطورات هائلة في جميع مجالات الحياة خصوصاً الاقتصادية والتجارية. فازدحمت الاسواق بالشركات والمنتجات المتعددة. واشتدت حدة المنافسة بينها. وبالتالي ظهرت التجارة الالكترونية وسيلة للتجارة الحديثة التي اسهمت وبشكل كبير في تغيير مستقبل العمل التجاري العالمي.
واكد جاك ما، في دافوس 2018، ان الانقلابات الهائلة التي تحدثها عبارات مثل: “صنع في الصين” أو “صنع في الفلبين” ستختفي في المستقبل ليحل محلها صنع في الإنترنت. مشيرا الى ان معظم زبائن موقع علي بابا من الشباب الذين يرسمون المستقبل.
ومن ميزات التجارة الالكترونية، انها توفر الوقت والجهد وتسهل الوصول للأسواق الخارجية. وتساعد على النمو الاقتصادي وتحسين الصادرات والإنتاج. إلا أنها تطرح مجموعة من التحديات خصوصاً فيما يتعلق بالبلدان النامية وخاصة العربية منها.
حيث ان قدرات الشركات فوق القومية والمتعددة الجنسيات قد تؤدي إلى عدم قدرة الشركات في الدول النامية على منافستها والاستمرار في اسواق التجارة الالكترونية.
أولا_ التجارة الالكترونية تحدث انقلابا في الاقتصاد العالمي:
التجارة الالكترونية تساعد على الحد من مشكلة البطالة بتوفير فرص عمل جديدة، وخاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وصناعة المعرفة. وتعمل على تسهيل الأعمال الفردية الحرة والمشاريع الصغيرة، والعمل من المنزل. وزيادة فرص العمل لذوي الاعاقة. واتاحة فرصة العمل للمرأة من المنزل دون الاضطرار للعمل في الخارج. إلا أنها تتطلب عمالة فنية متخصصة ومدربة قادرة على التعامل مع تطبيقاتها.
1_ الآثار الاقتصادية للتجارة الالكترونية :
– أثر التجارة الالكترونية على هيكل السوق:
تؤثر التجارة الالكترونية على هيكل الأسواق سواء أسواق السلع والخدمات. أو أسواق عناصر الإنتاج. فالنمو الاقتصادي لا يعتمد على عرض عناصر الإنتاج فقط. أو زيادة في عرض السلع والخدمات. وانما على كيفية الاستفادة من هذه العوامل جميعها لتحقق أعلى عائد ممكن. سواء اكان اقتصاديا، أو اجتماعيا. وذلك يتوقف على الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة في المجتمع. وطبيعة السوق الذي يتم العمل به والذي يؤدي دوراً حاسماً في تحقيق التخصيص الأمثل للموارد. اذ كلما كان السوق قريب من المنافسة الكاملة أمكن تحقيق ذلك. والتجارة الالكترونية تؤثر على هيكل الأسواق وخاصة أنها تقربنا من الوصول إلى سوق المنافسة الكاملة .
– أثر التجارة الالكترونية على النمو الاقتصادي:
تؤثر التجارة الالكترونية على المتغيرات الاقتصادية ومعدلات النمو. فهي تؤدي إلى زيادة الأجور. ورفع مستوى المعيشة للأفراد. وهيكلة الأسواق وتوسيع نطاق التسويق. مما يعمل على زيادة المبيعات والصادرات. وبالتالي زيادة الإنتاج ومعدلات النمو. فاستخدام الدول للوسائل التكنولوجية الحديثة في التجارة يعمل على زيادة قوة اقتصادها ونموها. ويعود ذلك بالنفع على القطاعات الاجتماعية والصحية والتعليم. جراء استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في تعاملاتها. وفي ظل التجارة الالكترونية يمكن تطوير الانتاج بشكل يتوافق مع طبيعتها الالكترونية مما يزيد المبيعات. ويعمل على زيادة أرباح الشركات.
وتوفر التجارة الالكترونية المناخ المناسب لزيادة الإنتاج . ورفع كفاءته بدعم صناعات الحواسيب وبرمجياتيا. والصناعة التكنولوجية وصناعات أخرى مرتبطة بها. مثل وسائط التخزين الإلكترونية. والشبكات والاتصالات. التي تعد البنية التحتية للتجارة الإلكترونية.
ويتطلب انتشار التجارة الالكترونية المزيد من هذه المنتجات مما يعمل على زيادة إنتاجها. وخاصة ان استخدام الوسائل الالكترونية في التجارة يعمل على رفع مستوى الإدارة والتنظيم داخل المؤسسة. وتطوير أنشطة إنتاجيتها. مثل البحث على شبكة الإنترنت عن مصادر تمويل جديدة في الخارج. وانتاج أنواع جديدة من السلع تناسب طبيعة التجارة الإلكترونية. مما يعمل على دعم اقتصاديات الدول.
– أثر التجارة الالكترونية على الصادرات:
تساعد التجارة الالكترونية في زيادة التجارة الخارجية. وخاصة الصادرات، وذلك بتسهيل الوصول للأسواق العالمية. وعقد صفقات تجارية بسهولة وسرعة دون أية قيود إدارية أو تجارية. والاستجابة لتغيرات طلب المستهلكين. وتسويق المنتجات المحلية في هذه الأسواق، مما يزيد صادرات هذه الدول.
وتعمل التجارة الالكترونية على زيادة تجارة الخدمات بين الدول، ويمثل هذا القطاع 60% من إجمالي الإنتاج العالمي. ومع ظهور تقنية المعلومات والاتصالات الحديثة جعل التجارة الالكترونية تسهل عملية التقارب بين المستهلكين والمنتجين وأزالت المسافات الجغرافية.
–أثر التجارة الالكترونية على الاستثمار:
تخلق التجارة الالكترونية فرصا استثمارية جديدة، وخاصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. لأنها تؤدي دوراً مهماً في البنية التحتية للتجارة الإلكترونية. فانتشار التجارة الالكترونية يتطلب زيادة الإنتاج في هذا القطاع. وتوجيه رؤوس الأموال للاستثمار نحوه. لتطوير البنية التحتية للتجارة الإلكترونية. وبالتالي زيادة الاستثمار في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، الذي يعمل على دعم الاقتصاد القومي.
– أثر التجارة الالكترونية على سوق رأس المال:
تؤثر التجارة الالكترونية على سوق رأس المال، اذ يتم تبادل رؤوس الأموال بين وحدات الفائض “المدخرون”، ووحدات العجز “المستثمرون”. من خلال إصدار الأسهم والسندات طويلة الأجل، والذي يؤدي دوراً كبيراً في تنشيط الاستثمار. وتحقيق النمو الاقتصادي. فالتجارة الالكترونية تعمل على زيادة فاعلية بورصات الأوراق المالية. حيث يتم إبرام عقد الشراء والبيع للأوراق المالية المتداولة بالبورصة، وامكانية الحصول على المعلومات عن هذه الأوراق المتداولة بسرعة. وإصدار أوامر البيع والشراء لسماسرة، ويتم كل ذلك إلكترونياً. فالتجارة الالكترونية تعطي مرونة كبيرة من خلال ما توفره من تعاقدات أو أوامر للبيع أو الشراء. من خلال البريد الإلكتروني أو وسائل إلكترونية حديثة تستخدم في التداول. وتوفير معلومات سريعة عن السوق للمستثمرين، لا يستطيع السماسرة توفير هذه المعلومات عن الأوراق المالية المتداولة في السوق بسرعة في بعض الأوقات.
– أثر التجارة الالكترونية على قوة العمل:
معظم دول العالم النامية والمتقدمة ، تعاني مشكلات تتعلق بالبطالة وعدم توافر وظائف تستوعب الأيدي العاملة. وان التجارة الالكترونية يمكن أن تحقق ميزات للاقتصاد الوطني للدولة في مجال التوظيف من ناحيتين:
• الاولى انها تحقق فرصاً جديدة للتوظيف:
بإقامة مشاريع تجارية صغيرة ومتوسطة للأفراد وربطها بالأسواق العالمية بأقل التكاليف الاستثمارية. ولاسيما تجارة الخدمات التي توفر فيها التجارة الالكترونية آلية للأفراد المتخصصين لتقديم خدماتهم على المستوى الإقليمي والعالمي دون الحاجة للانتقال. الأمر الذي يفتح المجال لهم للانطلاق في الأعمال الحرة.
• الثانية توفر التجارة الالكترونية فرصاً وظيفية في عدة مجالات ذات الصلة بتطبيقات التجارة الإلكترونية:
مثل المتخصصين في إنشاء المواقع التجارية الإلكترونية. والعاملين والإداريين والفنيين في المتاجر الإلكترونية. إضافة إلى توفير الفرص الوظيفية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. التي تعتمد عليها التجارة الإلكترونية. من مهندسي الشبكات والبرامج اللازمة لتطبيقات التجارة الالكترونية وغيرها.
ان استخدام التجارة الالكترونية من شأنه أن يؤدي إلى الاستغناء عن الوظائف التقليدية وإحلال وظائف ذات مهارة جديدة محلها. الأمر الذي يتطلب تدريب العمالة على استخدام التقنية حتى تستطيع أن تدخل حلبة المنافسة وتفوز بوظائف.
مما يعني ان التجارة الالكترونية تؤثر سلباً في الوظائف اليدوية والعمالة غير المؤهلة. ولكنها تؤثر إيجاباً في العمالة المدربة تقنياً. حيث تستطيع أن تجد وظائف بسهولة، وتساعد على استحداث مسميات وظيفية وتخصصات لم تكن مطلوبة أو معروفة من قبل.
2_أسواق التجارة الإلكترونية في الدول المتقدمة:
أ_ سوق أمازون:
الذي اسسه جيف بيزوس في سياتل بالعاصمة الامريكية (واشنطن) بتاريخ سنة 1994. وهو أكبر متاجر التجزئة القائمة على الإنترنت في العالم من حيث إجمالي المبيعات والقيمة السوقية.
وبدأ الموقع كمكتبة على الإنترنت. ثم بدأ ببيع أقراص الفيديو الرقمية، وأقراص بلو-راي، والأقراص المدمجة. تنزيل وبث الفيديو. تنزيل وبث ملفات MP3. وتنتج الشركة الإلكترونيات الاستهلاكية. وهو أكبر مزود لخدمات البنية التحتية السحابية في العالم .
ب_سوق مجموعة علي بابا القابضة الصينية :
وهو تابع للقطاع الخاص الصيني، وتم إنشاء المجموعة في عام 1999. ويقع مقرها الرئيس بمدينة هانغتشو. في جمهورية الصين الشعبية. و أراد مؤسسها جاك ما إنشاء بوابة إلكترونية أسماها علي بابا دوت كوم. موجهة للأعمال لربط الصناع والتجار الصينيين بالمشترين من جميع أنحاء العالم. وتكسب جل إيراداتها من أنشطتها التجارية عبر شبكة الإنترنت. ثم أنشأ جاك ما موقع تاوباو على غرار موقع إيباي الموجه من المستهلك إلى المستهلك. الذي يعد واحداً من 20 موقعا هي الأكثر زيارة على مستوى العالم بضمه لما يقرب من مليار منتج. وتمثل مواقع مجموعة علي بابا القابضة أكثر من 60 % من الطرود المسلَّمة للصين.
ج_موقع علي باي (Alipay):
ويوفر خدمة الدفع المضمون عبر الإنترنت. لما يقارب نصف جميع معاملات الدفع الإلكتروني داخل الصين. اذ تمثل خدمات علي بابا الغالبية العظمى من هذه المدفوعات المستخدمة. وتسعى المجموعة لطرح خدمة أبيل دوفر في الولايات المتحدة. بعد تعذر التوصل إلى اتفاق مع المنظمين في هونغ كونغ.
ودخلت علي بابا بوابة العالمية في 2014 بعد عرض أسهم الشركة للاكتتاب العام أمام المستثمرين في بورصة نيويورك. حيث جمع نحو 25 مليار دولار. مما جعل منه أكبر اكتتاب على الإطلاق.
وتعد المجموعة أكبر امبراطورية للتجارة إلكترونية في العالم. اذ تتجاوز مبيعاتها السنوية 170 مليار دولار. ويعمل بها أكثر من 22 ألف موظف في أكثر من 70 مدينة حول العالم. وتعمل الشركة بشكل رئيس على تسهيل التجارة الإلكترونية بين الأفراد والشركات والتجار على الصعيدين العالمي والصيني.
د_مجموعة مواقع “علي بابا”:
وهي مسؤولة عن أكثر من 60% من الطرود التي يتم تسليمها بالصين. وتمثل الشركة نحو 80% من التجارة الإلكترونية في الصين. كما أن خدمة الدفع الإلكتروني “علي باي” تتولى تقريبًا نصف التحويلات المالية الإلكترونية ضمن الصين.
والشركة عبارة عن موقع يستطيع فيه المستخدمون بيع بضائع لبعضهم بعضا. مثل موقع إي باي. ويقدر عدد المنتجات في الموقع نحو مليار منتج من 7 ملايين مستخدم. كما دخلت علي بابا في مجال الإقراض أيضًا. فمنذ ثلاث سنوات تقدم الشركة قروضًا صغيرة (وسطيًا 8000 دولار أمريكي) للتجار الذين يستخدمون الموقع. مما منحها كمًا هائلاً من البيانات التي تستطيع استخدامها لتبني عليها استراتيجيتها. وقدمت الشركة قروضًا بقيمة 600 مليون دولار في عام 2012.
وقال خبراء بالتجارة الإلكترونية ان حجم مبيعات المجموعة بلغ قرابة 170 مليار دولار سنويًا. وبرأسمال يتراوح بين 120 و180 مليار دولار. مشيرين الى انه يفوق مبيعات موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” الذي يقدر بـ15 مليار دولار. ما يدل على الإمكانات الكبيرة التي تتوافر عليها “علي بابا .
ويشير خبراء الى أن الشركة تتجه لتصبح أول شركة تجارة إلكترونية في التاريخ اذ تجري معاملات بيع وشراء بقيمة تريليون دولار أمريكي. متوقعين لها فرصا للنمو في المستقبل بشكل كبير. اذ ان مئات الملايين من المواطنين الصينين لم يجربوا التسوق إلكترونيًا بعد. وهؤلاء فرصة كبيرة لعلي بابا لجذبهم لهذه الخدمة. ويتوقع المحللون أن سوق التجارة الإلكترونية في الصين سيكون أكبر من الأسواق الحالية في كل من الولايات المتحدة، اليابان، والمانيا،و فرنسا مجتمعة بحلول عام 2022.
وتثير الأرقام التي يعلنها موقع علي بابا دهشة جميع الاقتصاديين بعد أن تضاعفت أعمال الشركة وقيمتها السوقية في 2017 . الأمر الذي ينذر بإعادة رسم خارطة تجارة التجزئة.
وتشير بيانات علي بابا الى الذهول لدى المراقبين حيث أصبحت تشحن أكثر من مليون طرد بريدي يوميا داخل الصين فقط. وبلغت مبيعاتها في 2017 اكثر من 750 مليار دولار. ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لعشرات الدول من الحجم المتوسط..
ثانيا_تحديات نمو التجارة الإلكترونية في الدول النامية المتأخرة تكنولوجيا:
يمكن للتجارة الإلكترونية أن تغير اقتصادات الدول النامية. يمكن أن تدمجها في السوق العالمية التي تعمل على تحسين وتقوية الرفاهية الاقتصادية لتلك الدول. ومع ذلك ، فإن ممارسة التجارة الإلكترونية في هذه الدول لا تزال في مراحلها الأولى. وهناك أيضًا تحديات كبيرة من شأنها التأثير على نموها.
1_العوائق التي تواجه تطور التجارة الالكترونية في الدول النامية:
من السهل أن نفترض أن القدرة على الوصول إلى الاقتصاد الرقمي أصبحت متاحة في كل مكان. وأن التسوق عبر الإنترنت هو التطور الطبيعي للتجارة. على سبيل المثال باعت شركة أمازون أكثر من 100 مليون منتج لمستهلكين من مختلف أنحاء العالَم خلال الحدث الذي تقيمه سنويا تحت مسمى Prime Day. منجم الثراء الذي بلغت قيمته 4.2 مليار دولار. الذي تضمن مبيعات ملح الطعام في الهند، وكوكا زيرو في سنغافورة، وفراشي الأسنان في الصين.
لكن مثل هذه الأرقام – بحسب موكهيسا كيتوي الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” – تحجب حقيقة مفادها أن الطريق إلى التجارة الإلكترونية لعديد من الناس في الدول النامية مليء بالحفر والأخاديد. الأمر ببساطة أن نمو التجارة الإلكترونية ليس تلقائيا، وانتشار فوائدها ليس مضمونا. وذلك نظرا للعدين من العوائق والتي أهمها عوائق متعلقة بثقافة المجتمع، واخرى تتعلق بالبنية التحتية للدولة. وسنوضحها فيما يلي:
أ_القضايا الثقافية:
ونذكر منها:
_ عدم وجود ثقافة عبر الإنترنت:
قد تكون الطريقة الإلكترونية لممارسة الأعمال التجارية مفهومًا جديدًا لمجتمعات الدول النامية. عادة ما يقوم الناس بالشراء والبيع وجهاً لوجه. إنهم يرون ويلمسون (جسديًا) ما يحتاجون إليه ، ويتفاوضون حول أفضل الصفقات ، ويشترون. غالبًا ما يكون هذا هو نوع النشاط التجاري الذي يلمون به ، والذي يختلف تمامًا عن طريقة الإنترنت للقيام بذلك. إن فكرة التسوق للسلع والخدمات التي لا يمكن رؤيتها ولمسها جسديًا ليست من نوع المخاطر التي سيتحملونها. إنهم ليسوا واثقين أيضًا ما إذا كان التجار عبر الإنترنت موثوقين بما يكفي لتقديم المنتجات والخدمات كما وعدوا.
يخشى التجار أيضًا بيع منتجاتهم عبر الويب. بالنظر إلى النقص في عادات الشراء عبر الإنترنت للمجتمع ، ونظراً إلى الأساس المنطقي الذي مفاده أن الطريقة الإلكترونية لممارسة الأعمال التجارية غير معروفة ، فإنهم يعتقدون أنها تتطلب مخاطر تجارية عالية. عادةً ما لا يرغبون في اتخاذ موقف بشأن المشاريع عبر الإنترنت. وبالتالي ، فإن هذا يضر للغاية بتوسيع التجارة الإلكترونية في هذه الدول.
_ انعدام الثقة:
في الأساس ، قد تكون الثقة قضية رئيسية في بيئة الأعمال التجارية عبر الإنترنت. كما ناقشت سابقًا ، فإن الناس داخل الدول النامية ليسوا واثقين من طريقة الإنترنت في ممارسة الأعمال التجارية ، والتي من خلالها تعد الثقة أحد الأسباب الرئيسية. نظرًا لأن التجارة الإلكترونية ليست ممارسة في هذه البلدان ، وعادة ما يتم العمل على أساس وجها لوجه ، فإن الناس عادة ما يثيرون قضايا الثقة. إنهم ملزمون بالتفكير كيف يمكنهم الوثوق بالناس الذين لا يرونهم ويجب العثور عليهم على بعد آلاف الكيلومترات؟ بالإضافة إلى ذلك ، نظرًا لعدم وجود أي سياسات وقوانين للتجارة الإلكترونية في معظم البلدان النامية ، فإنهم يخشون من مكان السفر فقط في حالة النزاعات.
ب_ قضايا البنية التحتية:
والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
_محدودية الوصول إلى البنية التحتية للاتصالات والتكلفة العالية للإنترنت:
تتطلب التجارة الإلكترونية الأسس التكنولوجية. واحد من أهمها هو الوصول إلى الويب. لتشغيل الأعمال التجارية عبر الإنترنت ، يحتاج المرء إلى مرجع عبر الإنترنت لسرعة اتصال مستقرة وعالية. ومع ذلك ، غالبًا ما يكون نوع اتصال الويب داخل الدول النامية عبارة عن اتصال هاتفي محدود للغاية وبطيء. الى جانب ذلك ، قيمة امتلاكه عالية. غالبًا ما يكون هذا تحديًا آخر تواجهه التجارة الإلكترونية داخل الدول النامية.
_وصول محدود لأجهزة الكمبيوتر غير العامة:
من المرافق التكنولوجية الرئيسية الأخرى التي تحتاجها التجارة الإلكترونية هي أجهزة الكمبيوتر الشخصية. إن امتلاك أجهزة الكمبيوتر عزيز داخل الدول النامية لأنها عادة ما تكون منتجات مستوردة من الدول المتقدمة. وهو تحد رئيسي آخر لتوسيع التجارة الإلكترونية في هذه البلدان.
_عدم وجود تسهيلات الدفع الإلكتروني لتمكين تحويل الأموال:
الخدمات المصرفية هي مرفق رئيسي آخر مطلوب لمحاولة التجارة الإلكترونية. وفي معظم الحالات ، تفتقر الدول النامية إلى هذه التسهيلات الرئيسية. يلتزم التجار عبر الإنترنت في هذه البلدان باستخدام التسهيلات المصرفية في الخارج إذا كان عليهم القيام بأعمال تجارية عبر الإنترنت.
_النظام الناقص والحواجز السياسية:
للقيام بالتجارة الإلكترونية ، مطلوب نظام وسياسة مثالية. بدونهم ، من المستحيل محاولة العمل عبر الإنترنت. ومع ذلك ، عادة ما تفتقر هذه الدول إلى هذه الأنظمة الرئيسية التي يمكن أن تجعل من الصعب القيام بالتجارة الإلكترونية على التوالي.
ومع ذلك ، على الرغم من صعوبة ممارسة الأعمال التجارية عبر الإنترنت داخل الدول النامية ، إلا أنها ليست مستحيلة على أقل تقدير. غالبا ما يتم ذلك في ظل الظروف. يمكن أن يستغرق الأمر المزيد من الجهد لتحقيق النجاح بالرغم من ذلك. بالإضافة إلى ذلك ، تحتاج الصناعة إلى وقت للاستفادة من إمكاناتها.
وبالتالي ، من خلال إدراك إمكانات التجارة الإلكترونية داخل الدول النامية ، هناك هيئات معنية يمكن أن يؤدي تعاونها من خلالها إلى إحداث فرق كبير. هم الحكومة والمهنيين والتجار عبر الإنترنت والبنوك والعملاء. إذا كانوا سيعملون معًا ويتعاونون ، فسوف يتجنبون تمامًا كل العقبات المذكورة أعلاه.
_العقبات اللوجيستية:
فعلى جزيرة توفالو الصغيرة في جنوب المحيط الهادئ، على سبيل المثال، أقل من عشرة شوارع في العاصمة فونافوتي تحمل أسماء، ونحو 100 مسكن فقط لها عنوان بريدي. وحتى إذا كان الجميع في توفالو قادرين على الوصول إلى الإنترنت “وهذا غير وارد في حقيقة الأمر؛ لأن 13 في المائة فقط من سكان البلد كانوا يملكون خدمة النطاق العريض في عام 2016، وفقا لتقارير البنك الدولي”، فإن استلامهم البضائع التي يشترونها عبر الإنترنت أمر بالغ الصعوبة.
في أماكن أخرى، يفتقر مليارات من البشر إلى الحسابات المصرفية وبطاقات الائتمان، وفي عديد من الدول النامية، لا تمتد قوانين حماية المستهلك إلى السلع المشتراة عبر الإنترنت. وتزداد حدة هذه التحديات بشكل خاص في الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، والدول الجزرية النائية، وفي عديد من الدول غير الساحلية.
على النقيض من هذا، في أغلب الاقتصادات المتقدمة، تعمل الشبكات البريدية الجيدة الأداء والأطر القانونية القوية على تمكين الشراء عبر الإنترنت والتسليم دون أي عراقيل.
2_ حتمية التحاق الدول النامية بركب التجارة الالكترونية:
التجارة الإلكترونية لا تشكل سوى جانب واحد من الاقتصاد الرقمي المتطور. فالآن يجري تحويل الإبداع، والإنتاج، والمبيعات من خلال منصات التكنولوجيا. وتحليلات البيانات، والطباعة الثلاثية الأبعاد، وما يسمى إنترنت الأشياء. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل عدد الأجهزة المتصلة بإنترنت الأشياء إلى 125 مليار جهاز. مقارنة بنحو 27 مليار جهاز في عام 2017. علاوة على ذلك، تحدث هذه الوتيرة السريعة للربط الرقمي حتى رغم أن نصف سكان العالَم غير متصلين بالإنترنت.
وإذا تركت هذه الفجوة المتسعة بين البلدان غير الموصولة بشكل جيد وتلك التي تتسم بفرط التحول الرقمي بلا علاج. فستزداد الفجوة اتساعا حتما، ما يؤدي إلى تفاقم أشكال التفاوت القائمة. وربما تكون مستويات التحول الرقمي مؤثرة حتى في قدرة البلدان على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. التي حددها المجتمع الدولي للتصدي لتحديات مثل الجوع، والمرض، وتغير المناخ. ولهذا السبب، أعتقد أن الأمر يتطلب بذل مزيد من الجهد لدعم الدول الفقيرة في سعيها إلى الاندماج في الاقتصاد الرقمي.
أ_ التجارة الإلكترونية تواجه مخاطر مرتفعة في البلدان النامية:
شهدت جنيف في الأول أفريل من عام 2019 “أسبوع التجارة الإلكترونية العالمي 2019”. الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” لرسم الفرص الجديدة المتزايدة. لجعل المنصات الرقمية في الدول النامية تعمل بشكل أكثر فعالية وكفاءة لتنشيط اقتصاداتها. ورفع مكانتها في العالم الرقمي الجديد.
ورغم أن التكنولوجيا الرقمية أحدثت تحولات ثورية في الاقتصاد العالمي. إلا أن كثيرا من البلدان لم يتمتع بعد بكل المنافع الإنمائية للتكنولوجيا الرقمية، كالنمو الشامل والمستدام، وتحسين الإدارة العامة، والاستجابة في تقديم الخدمات.
ونظرا لضخامة حجم التغيير في الميزة التنافسية التي يمكن أن تضفيها التكنولوجيا الرقمية على مستخدميها. فإن مخاطر البطء في الأخذ بها أو ضعف استخدامها يمكن أن تكون هائلة على الصناعات والحكومات والأفراد والشعوب.
ويعتقد على نطاق واسع أن البلدان النامية لم تستفد بشكل كبير من انتشار التجارة الإلكترونية. على الرغم من أنها تحقق فوائد يحتاج إليها جميع المستهلكين حول العالم مثل البساطة والاختيار، والسهولة، والسرعة، وقلة التكلفة، والراحة.
ومع كل تلك المميزات، التي لم يستفد الجميع منها على قدم المساواة. ولا سيما في البلدان الأقل نموا. تتيح ممارسة الأعمال التجارية عبر الإنترنت والمنصات الرقمية فرصة تحقيق حياة أفضل للبشر.
لكن التجارة الإلكترونية تواجه مخاطر مرتفعة في البلدان النامية. حيث غالبا ما تترك الشركات المحلية تلعب في الميدان دون ضوابط وأنظمة صارمة.
وتقول بعض الأوراق التي هيأتها “أونكتاد” لأسبوع التجارة الإلكترونية. إن المنصات الرقمية في البلدان النامية تولد فرصا للتجارة والتطوير. لكن المكاسب ليست تلقائية وعمليات التجارة الإلكترونية لا تجري بطريقة سلسلة.
من الرقمنة إلى التنمية:
تبين الأوراق التي أعدتها “أونكتاد” لأسبوع التجارة الإلكترونية. الذي يعقد تحت شعار “من الرقمنة إلى التنمية”. أن البلدان النامية يمكن أن تستفيد من تأسيس أسواقها الإلكترونية الخاصة بها. لكن التكاليف ستكون مرتفعة.
وتقول واحدة مِن أوراق “أونكتاد”، إنه إذا كان هناك ما بين 2 إلى 3 في المائة من المستهلكين في بلد يشترون عبر الإنترنت. فإنه قد لا يكون من المفيد الاستثمار في المنصات الرقمية، حتى تظهر السوق بعض النمو.
لكن بروز منصات قوية للتجارة الإلكترونية في الاقتصادات النامية مثل “جوميا” في إفريقيا. و”فلبكارت”، و”لازادا”، و”سوق” في آسيا، و “ميركادوليبر” في أمريكا اللاتينية، يشير إلى وجود نطاق محتمل في هذه الأسواق.
وحسب أرقام “أونكتاد” فإن “جوميا” قدمت للتو 100 مليون دولار في الاكتتاب العام الأولي في بورصة نيويورك .
و”جوميا” هي المجموعة الأم لتسع شركات في أكثر من 30 بلدا إفريقيا. بينها المغرب، والجزائر، وتونس، ومصر.
وتشمل شبكتها من الشركات تقديم مبيعات على الإنترنت في مجال السوق، والسفر، والغذاء، والعروض الثقافية والترفيهية، ولوازم البيت، والوظائف، وتأجير السيارات، الخدمات، وغيرها.
ب_الجهود دولية لغلق الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والدول النامية:
أولا:
من الصعب أن نتنبأ بكيفية تطور هذا الاقتصاد. لكننا نعلم بالفعل أن التدابير التي تتخذها الحكومات، والجهات المانحة، وشركاء التنمية، ستحدد الطريق إلى الأمام. والواقع أن أحد هذه الجهود ــ مشروع التحول الرقمي، الذي أطلقته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2017 ــ يساعد الدول على اغتنام الفرص والاستعداد للارتباك التكنولوجي. وتشمل مجالات التركيز المنافسة، وحماية المستهلك، والإبداع وريادة الأعمال، والتأمين ومعاشات التقاعد، والحوكمة، والتجارة. وهو نهج شمولي ينبغي للمتخصصين في التعاون الإنمائي محاكاته.
علاوة على ذلك، بحلول نهاية العقد المقبل، ستدفع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات النمو الاقتصادي ومكاسب الإنتاجية. ولكي يتمكنوا من تحقيق الازدهار، يحتاج الناس إلى مهارات ومعارف جديدة. وستحتاج الدول إلى تحديث السياسات لحماية المستخدمين على الإنترنت. وستكون الشركات الصغيرة، بما في ذلك تلك التي يملكها ويديرها نساء، معرضة بشكل خاص لبيئة الأعمال المتغيرة.
من المؤسف أن 1 في المائة فقط من التمويل الذي تقدمه مبادرة المعونة في مقابل التجارة. وهي مبادرة تديرها دول أعضاء في منظمة التجارة العالمية. لمساعدة الدول النامية على تحسين بنيتها الأساسية التجارية. يجري تخصيصه حاليا لحلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. على نحو مماثل، تستثمر بنوك التنمية المتعددة الأطراف 1 في المائة فقط من إجمالي إنفاقها في مشاريع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ونحو 4 في المائة فقط من هذا الاستثمار المحدود ينفق على تطوير السياسات. وهو عمل بالغ الأهمية إذا كنا راغبين في تنظيم الاقتصادات الرقمية كما ينبغي.
في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية،يتم العمل على وضع استراتيجيات لمساعدة الدول النامية في الاستفادة من أصولها وتحسين قدراتها الرقمية. وتهدف إحدى المبادرات بعنوان “التجارة الإلكترونية للجميع” إلى تيسير حصول الدول النامية على المساعدات المالية والفنية. ومنذ إطلاق البرنامج قبل عامين، تم تجنيد ما يقرب من 30 شريكا عالميا. كما تساعد إحدى المنصات على الإنترنت في الربط بين الحكومات والمنظمات والجهات المانحة لتبادل الموارد والخبرات والمعرفة.
ثانيا:
تشارك مجموعة العشرين في هذه القضية بنشاط. حيث اجتمع وزراء مجموعة العشرين في الأرجنتين. لمناقشة ما يمكن القيام به لنشر فوائد التحول الرقمي. وغني عن القول إن الاجتماع جاء في الوقت المناسب تماما.
مع ذلك، ورغم أن البرامج واجتماعات القمة من الممكن أن تتيح للدول النامية والأقل نموا في العالَم المكان الذي يمكنها أن تنطلق منه في سعيها إلى تعظيم قدرتها على الاتصال. فإن الأمر يتطلب مزيدا من الدعم إذا كنا راغبين في إغلاق الفجوة الرقمية. ولأن مليارات من البشر لم يتخطوا بعد الدرجة الأولى على السلم الرقمي. فإن الصعود إلى الرخاء يصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
ج_تجارب رائدة للتجارة الالكترونية في بعض الدول النامية:
اكد تقرير دولي حديث ان هناك بشائر امل على تنامي دور التجارة الالكترونية في الدول النامية خلال الفترة المقبلة. حيث يتجه حالياً العديد من هذه الدول إلى العمل بالتجارة الالكترونية باعتبارها بوابة لها نحو عصر الاقتصاد الرقمي. واورد التقرير الصادر عن منظمة الاونكتاد نماذج عديدة لبعض الدول النامية التي ازدادت فيها حركة التجارة الالكترونية. لاسيما تلك الدول التي لديها امكانات سياحية تسعى لتسويقها عبر شبكة الانترنت.ومن أمثلة هذه النماذج الرائدة في الدول النامية نذكر ما يلي:
_التجربة الاثيوبية:
خدمة تسليم الهدايا في اثيوبيا بواسطة الكمبيوتر مثال فريد من نوعه. لمغامرة تجارية الكترونية مركزها بلد نام يقوم باعمال ناجحة من زبائن في البلدان الصناعية. وهذه الشركة وغيرها من الشركات المثيلة تستغل فكرة التجارة الالكترونية. لخلق مجالات عمل نجاحة. كما انها تساهم في الوقت نفسه في تنمية اقتصاد البلد. وذلك حسب تقرير التجارة الالكترونية والتنمية.
وقال التقرير ان شركة Ethiogift، التي تعمل في اديس ابابا. تقدم خدمة تسليم ضمن اثيوبيا خلال 48 ساعة لانواع مختلفة من البضائع. والهدايا ،الخراف ،الحلويات ،الازهار والكحول. ويتم الدفع بواسطة بطاقات اعتماد مركزها ملفم متعدد المنافذ في كندا. يستهدف الموقع على الشبكة العالمية الافراد الاثيوبيين المشتتين في اوروبا وفي الولايات المتحدة الامريكية.
ومؤسسها رجل اثيوبي حامل شهادة دكتوراة في علوم الكمبيوتر. وكان دخلها الاجمالي للسنة الماضية 50.000 دولار. وهذه التجارة وغيرها من فرص العمل ـ مثل السياحة وتجارة السلع مباشرة على الشبكة وخدمات الاتصالات . قد تبقى إلى حد كبير محدودة بسبب عدم قدرة البلدان النامية على توفير طرق دفع مضمونة مباشرة على الشبكة. وبسبب عدم وجود خدمات كافية مساندة للتجارة المباشرة، مثل التأمين والمعلومات حول التجارة والمواصلات.
لكن الانترنت قادر على مساعدة هذه البلدان على تخطي بعض هذه الصعوبات. فهو يوفر امكانية الوصول إلى شركات جديدة موردة رفيعة المستوى. وبذلك تبني الشركة على اسس منافسة افضل. وهذه الطريقة جيدة خاصة للشركات الصغيرة. لانها تخفف من اقتصاديات الموازنة وتقلل من التكاليف الثابتة.
_تجربة بنجلاديش:
بنجلاديش احد البلدان التسعة والاربعين الاقل نموا في العالم. تعمل شركة «Technosoft» «Transcription»، على نقل ملفات وسجلات المرضى بطريقة صوتية عبر الشبكة لاطباء في الولايات المتحدة الامريكية. وتوظف هذه الشركة التي تأسست منذ عامين 21 شخصاً. ملمين بالعبارات الطبية والكمبيوتر والطباعة وقادرين على تفهم ثقافة وانظمة الشعب الامريكي. وتستخدم الشركة منظمة تسويق في الولايات المتحدة الامريكية لتأمين عقودها. وهي حالياً الشركة الوحيدة في بنجلاديش التي تعقد مباشرة صفقات مع زبائن في الولايات المتحدة الامريكية.
تحصل الشركات الاخرى على عقود مقاولة من الهند. فيرسل الزبائن ملفاتهم الصوتية التي تحتوي على مقتطفات من سجلات المرضى. إلى الولايات المتحدة الامريكية. وتقوم شركة «تكنوسوفت»’ بتحميل الملف مع وعد بالرد خلال 24 ساعة. تتوقع الشركة ايراد اجمالي يبلغ 200.000 دولار هذه السنة، بينما تقدر بنجلاديش ايراد يصل إلى 300 مليون دولار سنوياً عام 2008.
_تجربة المكسيك:
المكسيك، على سبيل المثال، كانت لدى أقل من نصف البالغين في هذا البلد حسابات مصرفية. وأقل من 5% من مبيعات التجزئة كانت عبر الإنترنت. أي ما يعادل ثلث المتوسط العالمي.
وأدَّى الافتقار إلى الوصول إلى الخدمات المصرفية، وانعدام الثقة في النظام المالي إلى تركه خارج نطاق الطفرة الحاصلة عبر الإنترنت. والجارية في كلٍّ من أوروبا، والصين، والولايات المتحدة. ولكن عندما تمَّ إغلاق المتاجر لإبطاء إنتشار كوفيد-19. انتقل الملايين من الناس الذين كانوا من الرافضين إلى شبكة الإنترنت.
واستجابت الشركات المكسيكية سريعاً – مما أدى إلى قفزة بنسبة 54% في المبيعات عبر الإنترنت. مما سرَّع بسنوات نمو منظومة الإنترنت. وحدثت أيضاً ثورة من هذا النوع في الاقتصادات الكبرى الأخرى. مثل الهند، وروسيا، والبرازيل، التي كانت بطيئة من ناحية التجارة الإلكترونية.
ثالثا_معوقات التجارة الإلكترونية في الوطن العربي:
في عصر أصبحت فيه التجارة الإلكترونية سمة أساسية فيه. وراعى رسمي لمعظم نشاطاته. مازال الوطن العربي يخطو خطوات خجولة في محاولة اكتشاف هذا المجال وأسراره. فطبقًا لموقع Shopify تأتى الدول العربية في المركز قبل الأخير فيما يتعلق بتربع عرش الأسواق الإلكترونية. بينما تتصدر كل من آسيا وأمريكا الشمالية المقدمة. تتغيب الدول العربية أيضًا من قائمة أفضل 10 دول في مجال التجارة الإلكترونية. حيث يتصدر المراكز الثلاث الأولى كل من الصين والولايات المتحدة وفرنسا، بينما يأتي اليابان وجنوب أفريقيا في ذيل القائمة.
هذه الإحصائيات تثبت بما لا يدعو مجال للشك أن الدول العربية تعاني الكثير من المشاكل التي تعيقها عن تصدر المراكز الأولى في مجال التجارة الإلكترونية. وأن هذه المشاكل يجب النظر إليها بعين الاهتمام، والعمل على معالجتها بأسرع وقت.
من المفهوم الشامل للتجارة الإلكترونية، يمكنك أن تستنتج أن التجارة الإلكترونية تتمحور مقاومتها الأساسية حول 3 عناصر أساسية هم:
- تتطال وجود إنترنت قوي وسريع
- وجود عملاء قادرين على استخدام هذه التكنولوجيا وتسخيرها لمطالبهم
- وجود شركات أو مؤسسات تقدم هذه الخدمات للمستهلكين
بالنظر إلى الثلاث محاور يمكنك أن تستنتج المشكلة الحقيقية التي يقع فيها الوطن العربي. ولكي نقترب أكثر إلى هذه المشكلة سنلقى الضوء على أهم المعوقات التي تقف حائلًا أمام تقدم التجارة الإلكترونية في الوطن العربي كالآتي:
1_القوانين والتشريعات:
تعد القوانين من أكثر المعوقات التي تقف حائلًا أمام تطور وتقدم التجارة الإلكترونية في الوطن العربي. فمن بين 23 دولة، يوجد عدد قليل فقط منهم من لديه بالفعل قانون خاص بتنظيم العمل الإلكتروني. والبعض مازال في مرحلة الإنشاء. والبعض لم يخطط من الأساس. فالمعاملات التجارية التي تتم عبر المواقع الإلكترونية أغلبها يتم بشكل غير منظم ولا يحكمه قوانين تشريعية. مما يتسبب في حدوث الكثير من الأزمات والخداع للمتسوقين والتجار على حدٍ سواء.
2_عدم الثقة في المعاملات المالية:
يخشى كثير من المواطنين العرب من إجراء المعاملات المالية بشكلها الإلكتروني. فنسبة كبيرة تراها غير آمنة. ونسبة أكبر تجهل كيفية عملها. انعدام الثقة هذه تقل نسبتها بين الأجيال الصاعدة والشباب. لألفتهم مع الأساليب التكنولوجية الحديثة. لكن بين كبار السن مازالت عدم الثقة منتشرة إلى حد كبير.
3_عدم ثقافة التجار بأهميتها:
يجهل كثير من التجار التقليدين أهمية إقامة منصة على الإنترنت وجذب جمهوره إليها. فالبعض يظن خطأ أن الاعتماد على وجود متاجر تجزئه على أرض الواقع يغنيهم عن التواجد الإلكتروني. الذي يرونه مجرد إضافة وتكاليف لا حاجة لها. هؤلاء التجار لا يعون الإحصائيات الرسمية. التي تخبرنا أنه بحلول عام 2040م، فإن 95% من المعاملات الشرائية التقليدية لن يوجد لها أثر. وستتحول إلى إلكترونية بصفة كاملة. فإذا استمر هؤلاء التجار على قناعاتهم، فلا شك أن تجارتهم ستخسر في القريب العاجل.
4_قلة حضور البنوك العربية في صفحات الإنترنت:
هذه النقطة قد بدأ البنوك ينتبهون لها جيدًا. لكنهم لم يتواجدوا بالشكل الكافي أيضًا. فبالرغم من انتقال بعض البنوك العربية إلى المحيط الإلكتروني، وتقديمهم لخدمات تساعد التجار والمتسوقين على ممارسة التجارة الإلكترونية. إلا أن هذه الخدمات أما أن تكون مكلفة للغاية كرسوم إنشاء حساب تاجر في بعض البنوك. أو تكون الإجراءات معقدة جدًا وتتطلب الكثير من الوقت والانتظار. لذلك لا يمكننا أن نقول أن البنوك قد أدت خدماتها بشكل كامل في صالح تطور المعاملات الشرائية الإلكترونية. فالأمر مازال يشوبه بعض الأخطاء أيضًا.
5_عدم وجود أشخاص مؤهلين بالقدر الكافي:
يخطأ البعض في فهم مجال التجارة الإلكترونية جيدًا. ويخاطر بدخولها بدون دراسة متعمقة لجمهورها المستهدف أو المنافسين المحاطين له. وكذلك سوق العمل نفسه. فيدفع بنفسه وتجارته وأمواله في نشاط تجاري غير مدروس. حتى يتفاجأ بوقوع خسارة كبيرة وفادحة. يعد هذا الأمر من أكثر الأمور المنتشرة في الوطن العربي. والتي تؤثر بشكل سلبي كبير على صورة التجارة الإلكترونية. فعندما يرى البعض أن هناك الكثير من الأشخاص تخسر في هذا المجال، فلن يرغب في دخوله بالطبع. لكن ما لا يعرفه هؤلاء الأشخاص أن المشكلة لا تكمن في التجارة نفسها، ولكن في دخول شخصيات غير مؤهلة بالقدر الكافي للتعامل في هذا السوق.
6_ارتفاع التكلفة الخاصة بالرسوم والتعريفة الجمركية:
نظرًا لطبيعة التجارة الإلكترونية من عالمية، فإنه من الطبيعي أن يتعامل المتسوقين العرب مع العديد من الكيانات التجارية الدولية. هذا التعامل يجعلهم يخضعون للعديد من الرسوم الخاصة بعملية تحويل الأموال إلى عملات أجنبية. أو يضطرون إلى دفع مبلغ باهظ خاص بالتعريفة الجمركية لتوصيل الطلبات. لذلك فإن ظهور بعض التطبيقات الخاصة بحلول الدفع قد ساهم في حل هذه المشكلة بشكل كبير، فهو يمنح العملاء رسوم مالية منخفضة للغاية
7_قلة الثقافة المجتمعية:
تعد الثقافة المجتمعية نقطة ضعف أيضًا تحول دون تقدم التجارة الإلكترونية في الوطن العربي. فإذا رغبنا في تقدم هذه التجارة فيجب علينا أن نأخذ بالتجربة القطرية في مجال تثقيف المواطنين (أفرادًا ورجال أعمال) عبر منصتها التوعوية بوابة التجارة الإلكترونية القطرية. فالمنصة قد ساهمت بشكل كبير في نشر الوعي الثقافي والمجتمعي بأهمية النشاط التجاري الإلكتروني. كما أنها قد ساعدت كلا من المتسوقين والتجار على فهم آليات العمل الإلكتروني والحقوق والواجبات الخاصة بكل طرف على حدة.
خاتمة:
تعاني التجارة الالكترونية في الدول النامية عموما و العربية على وجه التحديد، ضعف التسويق. وذلك إذا قارنا حجم التسوق الإلكتروني في هذه الدول مع ما ينفق على الإعلانات في المواقع العالمية. فهي ضعيفة، حيث يجب على المصارف والمؤسسات التجارية الكبيرة ورجال الأعمال والمهتمين بالتجارة العمل على مواكبة التطور الحاصل في التعاملات التجارية.
بحيث تكون التجارة الالكترونية قاعدة أساسية في استراتيجيتها التجارية المحلية والعالمية والمستقبلية أيضا. وبالرغم من أن الدول العربية تقف موقف الحذر والمتردد تجاه التجارة الإلكترونية، على عكس دول أخرى تتقدم نحوها بقوة لتحقق خطوات عملاقة نحو النمو الاقتصادي.
أصبحت التجارة الالكترونية تطرح الكثير من التحديات بالنسبة للدول النامية. خاصة ضعيفة الدخل. فرغم أن التجارة الالكترونية ما هي إلا عملية شراء وبيع للسلع والخدمات عبر شبكات حاسوبية. إلا أنها تتطلب الكثير من الوسائل المادية والمعنوية. فبالإضافة إلى البنية التحتية الالكترونية فهي تتطلب أيضا حرصا كافيا من المشرع في ضمان حقوق المتعاملين سواء الباعة. من خلال ضمان حماية حقوق الملكية أو المتسوقين على الويب من خلال ضمان حقوقهم باعتبارهم مستهلكين.
وباعتبار أن الدول العربية تمثل جزءا هاما من هذا العالم. فيجب عليها بذل الجهود الكافية لتطوير المعاملات الالكترونية. بالشكل الذي يكفل لها مكانتها في هذا العالم المتغير. ومن ضمن المتطلبات التي يجب توفيرها ، البنية التحتية للتجارة الالكترونية .توفير المقومات التشريعية اللازمة لتسهيل حرية التجارة الالكترونية. وتدريب الكوادر البشرية لتنظيم الأعمال الالكترونية.