الدور الاقتصادي للضريبة

لقد تطور الدور الاقتصادي للضريبة بمرور الزمن حيث مرت الضريبة و منذ القدم بعدة مراحل و موازاة مع تطور المجتمع البشري زاد الدور الاقتصادي للضريبة، حيث كانت في بداية الأمر اختيارية، ثم بعد ذلك إلى رسوم مقابل خدمات، و في الأخير تطورت وتطورمعها الدور الاقتصادي للضريبة حيث أصبحت أداة لتحقيق أهداف اقتصادية و اجتماعية، حتى وصل الأمر إلى أن صارت الضريبة علما قائما بذاته، وبالتالي انفصلت عن العلوم الأخرى نظرا لأهميتها.

 

كما يرتبط الدور الاقتصادي للضريبة بطبيعة دور الدولة في الإقتصاد لذا تطورت مكانة الضريبة مع تطور دور الدولة وأهدافها، فلما كان دور الدولة في الإقتصاد الليبرالي محدودا فقد ترتب عنه حياد السياسة  الضريبية ، أما في ظل الدولة المتدخلة أين اتسع نشاط الدولة و نطاق تدخلها فقد إحتلت الضريبة موضعا بارزا في السياسة الإقتصادية للدولة لذا أصبحت وسيلة تدخلية في الحياة الإجتماعية و الإقتصادية

 

أولا: تعريف الضريبة و أهدافها: 

1- تعريف الضريبة:

للضريبة عدة تعاريف أهمها:

أولاً  تم تعريفها على كونها « اقتطاع نقدي مالي. تقوم به الدولة عن طريق الجبر. من ثروة الأشخاص الآخرين دون مقابل . وذلك بغرض تحقيق نفع عام» المصدر : د.رفعت المحجوب –المالية العامة- دار النهضة العربية بيروت 1979 ص196.

ثانيا الضريبة تعرف على أنها وسيلة لتوزيع الأعباء العامة بين الأفراد. توزيعا قانونيا و سنويا. طبقا لقدراتهم التكليفية»

المصدر :الطالب عز الدين –اثر الضرائب على العرض و الطلب- مذكرة نهاية السنة، المعهد الوطني للمالية –القليعة- ص6

بالإضافة إلى ذلك تم تعريفها كونها «اقتطاع نقدي جبري نهائي يتحمله المكلف، و يقوم بدفعه بلا مقابل وفقا لمقدرته على الدفع, مساهمة منه في الأعباء العامة أو لتدخل الدولة لتحقيق أهداف معينة»، المصدر: د.فيصل فخري مراد –د.عدنان الهندي- مبادئ الإدارة المالية العامة و اقتصاديتها مصادر الأموال العامة و استخداماتها الجزء الأول –المطبعة الأردنية سنة 1980 ص 45

و من خلال هذه التعاريف يمكن إعطاء تعريف شامل  للضريبة: يتمثل في أنها اقتطاع مالي نقدي، تقوم به الدولة من أموال الأفراد إجباريا و بصفة نهائية، دون مقابل وفقا لقواعد تشريعية مقررة، بغرض تمويل أنشطتها لتحقيق النفع العام.

2- أهداف الضريبة:

تفرض الضريبة على الأفراد من اجل تحقيق أهداف معينة. يأتي في مقدمتها الهدف المالي. باعتباره مصدرا هاما للإيرادات العامة. وقد تطورت هذه الأهداف بتطور دور الدولة إلى أهداف اقتصادية و اجتماعية بالإضافة إلى الأهداف المالية.

أ-الأهداف المالية:

تهدف الضريبة إلى ضمان إمداد الدولة بالموارد المالية التي تسمح لها بتمويل الأنشطة المخولة لها قانونا، و قديما كان هذا هو الدور الوحيد للضريبة ما دام أن هذه الأخيرة ولها كهدف وحيد تمويل نفقات الدولة المرتبطة بالأمن, بالعدل, بالدفاع الوطني و بالأنشطة الدبلوماسية إن تحصيل الضريبة بالنسبة للدولة يعتبر وسيلة أساسية لتمويل ميزانية الدولة هده الوظيفة مازالت قائمة إلى يومنا هذا.

ب- الأهداف الاقتصادية:

تستعمل الضريبة لتحقيق الاستقرار في الدورة الاقتصادية. ومن ناحية أخرى معالجة بعض الظواهر  كمحاربة التضخم. و ذلك في إطار استعمال سياسة توسعية. وهذا يعني  لامتصاص الفائض في القدرة الشرائية يجب الزيادة في الاقتطاع الضريبي. إلا أن الضريبة تقوم في بعض الأحيان بعمل انتقائي. بعبارة أخرى لما تميل الدولة إلى تشجيع قطاع اقتصادي معين مثلا قطاع السكن، القطاع الزراعي، أو منح تسهيلات ضريبية لتشجيع الاستثمارات. و بالتالي خلق مناصب شغل. و القضاء على مشكلة البطالة. عن طريق التخفيض من الاقتطاع الضريبي. كما أن الدولة قد تلجا إلى رفع الضرائب على القطاعات التي تضر بنشاطها الاقتصادي.

ج- الأهداف الاجتماعية:

وتتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية و يتم ذلك عن طريق ضبط الضريبة على أساس القدرة الشرائية لمختلف الفئات الاجتماعية، كما إن الضريبة تساهم في المحافظة على إمكانية اقتناء السلع ذات استهلاك واسع ( الخبز، الحليب ) وذلك عن طريق تخفيض الضريبة، أو الحفاظ على الصحة العمومية و ذلك بفرض ضرائب مرتفعة على السلع التي ينتج عنه أضرار صحية كالمشروبات الكحولية و التبغ و غيرها.

و هكذا نجد أن الضريبة تعتبر أداة من أدوات تحقيق الرفاهية العامة في الميادين الاجتماعية و المالية

و الاقتصادية.

ثانيا:المبادئ و الأسس العامة للضريبة:

1- المبادئ العامة للضريبة:

يقصد بالمبادئ العامة التي تحكم الضريبة، مجموعة القواعد والأسس التي يستوجب على المشرع القيام بها عند وضع أسس نظام ضريبي في الدولة، وهي عبارة عن القواعد ذات فائدة مزدوجة فهي تحقق مصلحة المكلف بالضريبة من جهة، ومصلحة الخزينة العمومية من جهة أخرى إلا أن هذه المبادئ تعتبر بمثابة دستور عام ضمني تخضع له الأصول القانونية للضريبة، ولا بد على الدولة أن تحترم هذه المبادئ عند فرض الضريبة ولا يحق لها الخروج عن إطارها و إلا اعتبر ذلك تعسفا من جانب الدولة في استعمال حقها في فرض الضرائب و يمثل ظلما صريحا للأفراد المكلفين بها. حيث أشار ادم سميث في كتابه ثورة الأمم أن الضريبة تحكمها أربعة مبادئ تتلخص فيما يلي:

أ- قاعدة العدالة في توزيع الضريبة:

أصبح مفهوم العدالة أمام الضريبة يثير الكثير من الجدال أو النقاش، فأغلبية العلماء ينظرون إليه كمفهوم نسبي متوقف على القيم السائدة في بلد ما، حسب الزمان والمكان وهٍٍذا ما يجعل صعوبة تعريفه و صياغته بطريقة مطلقة.

لكن المفهوم الحديث للعدالة الجبائية مشتق من مبدأ المساواة أمام الضريبة التي تختلف عموميتها ومعاملة الفرد حسب مقدرته على الدفع.إن عمومية الضريبة يقصد بها عمومية شخصية بمعنى أن الضريبة تطبق على جميع الأشخاص الخاضعين لسيادة الدولة أو التابعين لها سياسيا أو اقتصاديا دون استثناء.

ب- قاعدة اليقين:

يجب أن تكون الضريبة محددة بدون غموض داخل المجتمع أي أن الدولة تشعر الأفراد بهذه الضرائب من حيث تقنيتها، وعائها، نسبتها و كيفية تحصيلها حيث أن مبدأ اليقين يرمي إلى حماية دخل الأفراد داخل المجتمع.

ج- قاعدة الملاءمة في الدفع:

يقضي هذا المبدأ بان تكون أحكام تحصيل الضريبة بما فيه المواعيد وأساليب التحصيل ملائمة للشخص والفرد وذلك حتى يبدي التخفيف من وقع دفع الضريبة عليه من جهة أخرى يجب أن يكون وقت دفع الضريبة مناسبا للفرد مثلا بعد الحصول على الدخل بالنسبة للضريبة على الدخل.

د- قاعدة الاقتصاد في النفقة:

يعني هذا المبدأ بان الدولة لابد أن تبتعد عن الضرائب التي تكلفها أموالا كبيرة و بالتالي ينبغي أن تكون نفقات تحصيل الضرائب قليلة مقارنة بمداخيلها و إلا ما الفائدة من جباية موارد تكاليفها اكبر من مدا خيلها.

1-الأسس القانونية للضريبة :

عملت نظرية المالية العامة على إيجاد نقطة الارتكاز القانونية التي تعطي للدولة الحق في فرض الضرائب و التزام المواطنين بأدائها. و يمكن إرجاع هذه المحاولات إلى تيارين كبيرين كل منهما، تابع إلى فترة تاريخية معينة، أوّلهما نظرية العقد الاجتماعي و المنفعة و ثانيهما نظرية التضامن الاجتماعي

و سنقوم بالتعرض لكلتا النظريتين فيما يلي:

أ- نظرية المنفعة والعقد الاجتماعي:

إن النظرية التقليدية قد حاولت تأسيس حق الدولة في فرض الضريبة على أساس فكرة المنفعة التي تعود على المواطنين مقابل دفع الضريبة، و المتمثلة في الانتفاع بخدمات المرافق العامة المختلفة.

وعلى أساس ذلك فانه لولا استفادة المواطنين بهذه الخدمات لما كان هناك حجة قانونية لفرض الضريبة و إلزامها.

ب-نظرية التضامن الاجتماعي:

ترتكز هذه نظرية على فكرة أساسية. هدفها أن المواطنين يسلمون بضرورة وجود الدولة لأسباب سياسية واجتماعية.تعمل على تحقيق مصالحهم إشباع حاجياتهم. ومن ثم ينشأ بين الأفراد تضامن اجتماعي بموجبه يلتزم كل واحد منهم بأداء الضريبة المفروضة عليه. وذلك حسب قدرته المالية، كي تتمكن الدولة من القيام بوظائفها المتعددة و توفير الخدمات العمومية لكافة المواطنين بدون استثناء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: لا يمكنكم نقل محتوى الصفحة . من اجل الحصول على نسخة اذهب الى اسفل المقال