عقد الإيجار لم يكن معروفا في العصور الأولى للإنسانية. اين كان النظام الاجتماعي يقضي بوجود طبقتين اجتماعيتين لا ثالث لهما. متمثلة في الطبقة المالكة و الطبقة الكادحة أو طبقة العبيد. و لكن هذه الحالة الاجتماعية لم تدم طويلا. وما لبث أن تكون بالتدريج طبقة تتوسط الطبقتين السابق ذكرهما . و التي نتجت عن تحرر عدد كبير من العبيد. والذي أدى بالضرورة إلى استحالة استغلال أراضي الطبقة المالكة عن طريق العبيد . فظهر عقد الإيجار كبديل لاستغلال أراضي الطبقة المالكة. والذي تم بين هذه الأخيرة والطبقة المتوسطة. حيث أن الاستغلال كان يتم بعوض .ومن هذه الفترة تبلورت الفكرة الأساسية لعقد الإيجار والتي تطورت بتطور التشريعات العالمية .
و قد نظم المشرع الجزائري أحكام عقد الإيجار من حيث التطرق إلى تعريفه و أركانه. والالتزامات والحقوق الناتجة عنه . وشكله وطرق إثباته وانتهاء عقد الإيجار. وفي مختلف المسائل التي تتمحور حول هذا العقد .
أولا_ مفهوم عقد الإيجار:
خصائص عقد الإيجار
عرف المشرع الجزائري عقد الإيجار في م.467 المعدلة بقانون 07-05 بتاريخ 13/05/2007 على أنه: “عقد يُمكّن المؤجر بمقتضاه المستأجر من الانتفاع بشيء لمدة محددة مقابل بدل إيجار معلوم.” ويكون الثمن في الأصل مالا. إلا أنه يجوز أن يكون هذا البدل تقديم عمل.
ويستفاد من هذا التعريف أن عناصر الإيجار هي التمكين من الانتفاع والأجرة والمدة. و يلاحظ أن هذا التعريف من التجديدات التي جاء بها المشرع في القانون 07-05 بحيث تم تعديل المادة القديمة التي كانت تنص على أنه: “ينعقد الإيجار بمقتضى عقد بين المؤجر والمستأجر.”
حيث كانت هذه المادة تهتم بانعقاد عقد الإيجار إضافة إلى أنها جمعت بين التعريف وحق البقاء للزوجة المطلقة الحاضنة. ويلاحظ أيضا أن هذه المادة المعدلة ما كان ينصب موضوعها على السكنات أو الأماكن المعدة للسكن. بحيث أن عقد الإيجار ينصب على عدة مواضيع أو محلات مثلا السكنات والأراضي الفلاحية والمحلات المخصصة للمهن. ونجد أن المادة الجديدة جعلت من الالتزام بالتمكين من الانتفاع شرطا أساسيا بحيث يعتبر التزام ايجابي. فيجب على المؤجر تسليم العين المؤجرة لتمكين المستأجر من الانتفاع بها.
نستخلص من خلال تعريف عقد الإيجار المدني أن لهذا العقد مجموعة من الخصائص تتمثــل فـــي:
_عقد الإيجار عقد مسمى: أي أن المشرع الجزائري نظم أحكام هذا العقد عن طريق التشريع.
_عقد الإيجار عقد رضائي: أي لا يشترط شكل معين لانعقاده بل يكفي شرط التراضي بين المتعاقدين فضلا عن المحل والسبب إلا أننا قد نجد بعض الاستثناءات التي تلزم إبرام عقد الإيجار كتابة. مثلا م.507 مكرر 1 من قانون 07-05 التي تخضع الإيجارات ذات الاستعمال السكني المبرمة من قبل المؤسسات العمومية المختصة إلى الأحكام الخاصة بها.
ولا ننسى في هذا الصدد المرسوم التشريعي رقم 93-03 المؤرخ في 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري المعدل والمتمم بقانون 07-05 حيث أن المادة 21 منه تشترط وجوبا العلاقة ما بين المستأجر والمؤجر في عقد الإيجار طبقا للنموذج الكتابي الذي حدده المرسوم التنفيذي رقم 74-69 بتاريخ 19/04/1974 المتضمن المصادقة على نموذج عقد الإيجار المتعلق بالنشاط العقاري . كذلك يجب الإشارة إلى أن نظرية عقد الإيجار في القانون المدني لا تنطبق على الإيجارات التجارية كأصل عام. باعتبار أن الإيجارات التجارية يجب أن تكون مكتوبة تحت طائلة البطلان ابتدءا من سنة 2005.
_عقد الإيجار عقد ملزم للجانبين: أي انه ينشا التزامات وحقوق لكلا طرفي العقد فالمؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة أما المستأجر فيلتزم بدفع مبلغ الإيجار.
_أيضا عقد الإيجار عقد معاوضة: يقصد بعقد المعاوضة حصول كل من المتعاقدين على مقابل نتيجة للالتزامات التي يقضي بها العقد ففي عقد الإيجار يلتزم المؤجر بتمكين المؤجر من الانتفاع بشيء في المقابل يلتزم المستأجر بدفع ثمن الانتفاع بذلك الشيء لمدة معينة.
_عقد الإيجار عقد مؤقت: تعتبر هذه الخاصية عنصر جوهري تميز عقد الإيجار ومفادها بان عقد الإيجار عقد محدد المدة باتفاق بين أطرافه.
_عقد الإيجار من العقود المحددة: أي أن الالتزامات والحقوق الناتجة عن العقد تحدد عند إبرام العقد باتفاق بين أطرافه عكس العقود الغير محددة أو العقود الاحتمالية.
3_ تمييز عقد الإيجار عن العقود الأخرى:
إن عقد البيع يقع على ملكية الشيء فهو عقد ناقل للملكية خلافا لعقد الإيجار الذي يقع على منفعة الشيء فقط. ولكن قد يقع التباس بين العقدين إذا وقع على ثمرات أو منتجات الشيء لا على الشيء ذاته.
فالأصل في العقد إذا وقع على ثمرات الأرض يكون إيجارا إذ انه يقع على منفعة الأرض المتجددة أما إذا وقع على منتجات الشيء يكون بيعا وفي العموم فان العبرة بنية المتعاقدين هل أرادا بيعا أم إيجارا فقد يبيع صاحب الأرض المحصول وهو لا يزال في الأرض فيكون العقد بيعا لهذا المحصول و قد يؤجر صاحب منجم منجمه ليستغله المستأجر مقابل أجرة دورية فيكون العقد إيجارا لا بيعا.
ب_عقد الإيجار وعقد العارية:
من المعلوم أن عقد العارية من عقود التبرع حيث أن المستعير لا يدفع أجرا للمعير خلافا لعقد الإيجار الذي يكون لقاء أجر معلوم ولكن قد يقع التباس بين العقدين وذلك في السكن الوظيفي. إذ أنه في بعض الوظائف تمنح مساكن للموظفين دون دفع ثمن إيجارها ولكن في المقابل يتم خصم مبلغ معين من الراتب الشهري للموظفين المستفيدين من السكن فالعقد في هذه الحالة عقد إيجار.
ج_ عقد الإيجار وعقد عقد العمل:
عقد العمل يرد على القيام بعمل معين خلافا لعقد الإيجار الذي يرد على منفعة شيء
د_عقد الوكالة وعقد الإيجار:
عقد الوكالة يجيز للموكل له التصرف في الشيء خلافا لعقد الإيجار الذي يرد فقط على الانتفاع بالشيء دون التصرف.
ه_عقد الوديعة وعقد الإيجار :
يختلف الإيجار عن الوديعة في أن المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة له والمودع عنده لا يتمتع بحق الانتفاع بالإضافة إلى ذلك فهذا الأخير لا يدفع أجرة للمودع ويلتزم برد الشيء المودع عنده بمجرد طلب المودع خلافا للمستأجر الذي لا يرد العين المؤجرة إلا بعد انقضاء مدة الإيجار.
و_عقد الإيجار والبيع الإيجاري:
عقود البيع الإيجاري هي عقود ترد على منقولات أو عقارات ومفادها أنها عقود إيجار وأن المقابل الذي يدفع بالتقسيط هو الأجرة. ولكن يوجد شرط يقرر أنه في نهاية الإيجار ودفع جميع الأقساط فان المستأجر يحتفظ بالشيء وعلى سبيل الملكية ويعتبر هذا الشرط وعدا بالبيع.
يرى الفقهاء أن هذه العقود هي في الحقيقة عقود بيع. إلا أن مصلحة البائع يوصفها بأنها إيجار لضمان حصوله على الثمن وقد أثارت هذه العقود مشكلة في تكييفها وقد اعتبرها البعض إيجارا متضمنا وعدا بالبيع. واعتبرها البعض الآخر إيجارا معلقا على شرط فاسخ وبيعا معلقا على شرط واقف والشرط في الحالتين هو دفع كل الأقساط.
ثانيا_أركان عقد الإيجار المدني:
1_ التراضي في عقد الإيجار:
أ_ شروط الانعقاد:
_ وجود ارادة :
تخضع للقواعد العامة المنشأة للعقد ولا تخضع لشكل معين بل يكفي اتخاذ موقف من أطرفه لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه ويجوز أن يكون التعبير على الإرادة ضمنيا وذلك في حالة تجديد عقد الإيجار كالبقاء في العين المؤجرة بعد انتهاء مدة الإيجار.
_تطابق الإيجاب بالقابول :
يخضع كذلك للقواعد العامة لانعقاد العقد إذ يشترط لانعقاد عقد الإيجار أن يصدر إيجاب من احدهما وقابول مطابق من الأخر للإيجاب ويجدر بالإشارة إلى أن الإيجاب والقابول في عقد الإيجار يقع على أربع عناصر هي:
-ماهية العقد
-الشيء المؤجر
-مدة الإيجار
-سعر الإيجار
_طرفا عقد الإيجار:
من المعلوم أن طرفا عقد الإيجار هما المؤجر والمستأجر و سنبين الآن من له حق الإيجار ومن له حق الاستئجار.
من له حق الإيجار:
_الذي له حق ملكية الشيء.
_الذي له الانتفاع: يمكن لمن له هذا الحق أن يبرم عقد الإيجار إلا أن هذا الحق مؤقت وليس دائم كحق الملكية وعليه فان مدة الإيجار يجب أن لا تتجاوز مدة الانتفاع وهذا ما أكدته المادة 469 من ق.م.ج. التي نصت على أن الإيجار الصادر ممن له حق المنفعة ينقضي بانقضاء هذا الحق. على أن تراعى المواعيد المقررة للتنبيه والإخلاء والمواعيد اللازمة لنقل محصول السنة.
_صاحب حق إدارة الشيء: يمكن لمن له هذا الحق أن يبرم عقد إيجار لمدة لا تفوق ثلاث سنوات. ويمكن أن تتمدد هذه المدة بترخيص من القاضي وهذا حسب المادة 468 من ق.م.ج.
_من له صفة الولي على القاصر المالك للشيء : تنص المادة 88 من قانون الأسرة الجزائري. على أن الولي يتصرف في أموال القاصر تصرف الرجل الحريص. وعليه أن يستأذن القاضي قبل القيام بأي تصرف ومن بين هذه التصرفات إيجار عقارات القاصر لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
_من له حق شخصي يتمتع به بموجب عقد إيجار: تنص المادة 505 من ق.م.ج على انه يمكن للمستأجر. أن يؤجر بدوره العين المؤجرة إيجارا فرعيا. وهذا الإيجار يعتبر بدوره مظهرا من مظاهر حق الانتفاع ويشترط في ممارسة هذا الحق الموافقة الصريحة للمؤجر الأصلي.
_بالإضافة إلى هذا يمكن أن يؤجر الشيء من طرف أشخاص لا يتمتعون بحق شخصي أو عيني مثل المسير, الوكيل , الحارس القضائي و اللذين يتمتعون بمقتضى الاتفاق أو القانون بصلاحية إبرام عقد الإيجار .
-من له حق الاستئجار:
لم يفرق المشرع الجزائري بين الأشخاص الطبيعيين و المعنويين في قدرتهم على الاستفادة من حق الإيجار. فضلا عن هذا فان كل شخص طبيعيا كان أم معنوي يستطيع أن يدفع ثمن الإيجار. فيحق له حق الاستئجار متى توافرت الأهلية الوجبة لذلك.
2_ شروط صحة عقد الايجار:
أ_توافر الأهلية:
يخضع الإيجار للقواعد العامة في الأهلية إذ يشترط في انعقاده واكتماله أهلية طرفي العقد وذلك بإتمام 19 سنة كاملة. فإذا كان أحد الطرفين عديم التمييز أي أقل من 13 سنة. أو من في حكمه كالمعتوه والمجنون كان العقد باطلا بطلانا مطلق. وأما إذا كان أحد الطرفين مميزا وهو من أكمل 13 سنة كاملة. أو من كان في حكمه كالسفيه وذا الغفلة. فان العقد يكون موقوفا على إيجازة الولي أو الوصي في الحدود التي يجوز فيها لهما التصرف. أو إجازة القاصر بعد اكتمال أهليته وذلك لأن الإيجار من بين التصرفات الدائرة بين النفع والضرر. ولكن هل يجوز للولي أو الوصي إيجار شيء مملوك لعديم الأهلية أو ناقصها أو للمحجور عليه؟
يجب أن نشير إلى أنه إذا كانت أعماله من أعمال الإدارة. فيجوز له ذلك بشرط أن لا تتجاوز مدة الإيجار 3 سنوات حسب المــادة (م.468 ق.م.) إلا أن هذه القاعدة يمكن أن لا تطبق وبالتالي يجوز تجاوز المدة إذا كان النص القانوني ينص على خلاف ذلك.
ب_ عيوب التراضي:
يكون التراضي في عقد الإيجار معيبا إذا شابه غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال وليس في ذلك إلا تطبيق القواعد العامة ولكن الغلط والاستغلال والغبن في عقد الإيجار له تطبيقات عملية لا تخلو من الأهمية و التي سيأتي على ذكرها:
· الغلط في شخص المستأجر :
إذا كان الغلط واقعا على شخص المستأجر فليس له بوجه عام تأثير على صحة العقد لان الإيجار من عقود المعاوضة ويستوي لدى المؤجر أن يكون قد أجر لشخص أو لأخر مادام يريد بهذا الإيجار أن يدير العين المؤجرة دون مراعاة لشخصية المستأجر ولكن مع ذلك يكون الغلط سببا في إبطال عقد الإيجار إذا كان شخص المستأجر محل اعتبار لدى المؤجر والأصل أن شخص المستأجر ليس محل اعتبار في العقد إلا إذا ثبت العكس.
· ثم الغلط في العين المؤجرة:
إذا وقع الغلط في العين المؤجرة فان الإيجار يكون باطلا طبقا للقواعد العامة أما إذا كان الغلط واقعا في وصف من أوصاف العين فان كان محل اعتبار فيكون العقد قابلا للإبطال كأن يعتقد الشخص أنه يستأجر أرض صالحة للزراعة فإذا هي عكس ذلك والأمثلة متعددة.
· الغبن والاستغلال في عقد الإيجار:
الغبن في عقد الإيجار لا تأثير له في صحة العقد فإذا أجر المؤجر بأجرة مرتفعة بحيث يصيب المستأجر من وراء ذلك غبن فاحش أو أجر باجرة منخفضة بحث يصيبه هو غبن فاحش فان الإيجار يكون مع ذلك صحيحا ما لم تكن الأجرة تافهة أو صورية. فيكون العقد قابلا للإبطال.
أما الاستغلال في عقد الإيجار فيؤثر في صحة هذا العقد شأنه شأن سائر العقود وتطبق القواعد العامة .
أ_ الشيء المؤجر:
تطبق عليه القواعد العامة أي أن يكون موجودا أو قابلا للوجود معيينا أو قابلا للتعيين و غير قابل للاستهلاك وغير مخالف للنظام العام و قابلا للتعامل فيه ويجدر بالإشارة إلى أن قواعد القانون المدني لا تطبق إلا على المحلات الموجهة للسكن أو ممارسة مهنة ويقصي مفهوم المحل المنقولات والأرض الجرداء ذلك أنه يستوجب وجود عقار مبني مهما كانت حالته سواء كان كوخا أو بيتا قصديريا مع
مراعاة أحكام النصوص المتعلقة بالمحلات الممنوع فيها السكن أما إذا تعلق الأمر بمحل مهني فشروط القابلية للسكن غير مطلوبة و يكفي أن تمارس مهنة في المحل كما تطبق قواعد القانون المدني على ملحقات السكن كالقبو والسطح إذا أجريت تبعا للمحل الرئيسي أو إذا أجريت أساسا للسكن أو ممارسة مهنة.
ويجدر بالإشارة إلى أن ممارسة المهنة في المحل المؤجر يجب أن تكون فعلية واعتيادية ومشروعة وبصفة رئيسية.
ب_ سعر الإيجار:
الأجرة أو بدل الإيجار هو المبلغ المالي الذي يلتزم المستأجر بدفعه في مقابل حصوله على المنفعة. وتقضي م.467/1 ق.م. أن بدل الإيجار قد يكون نقدا أو بتقديم أي عمل آخر. كأن يؤجر شخص أرض مقابل بدل الإيجار في نسبة معينة من المحصول ويجب أن تكون الأجرة حقيقية وجدية بحيث لا تكون مقدارا تافها يقترب من العدم. ويشترط أن تكون الأجرة معلومة وهذا ما قضت به م.467/2 وبمعنى أن تكون الأجرة متفق عليها بين الطرفين ومعلومة في العقد. فإذا كانت من النقود يكفي في تعيينها ذكر المقدار وإذا كان بدل الإيجار تقديم عمل يجب تقويمه وتقديره في العقد.
ج_ مدة الإيجار:
تعد المدة من العناصر الجوهرية في عقد الإيجار لأنه من العقود الزمنية التي تتخذ فيه التزامات وحقوق الطرفين تبعا لمدة العقد. ولهذا فقد نصت م.467 المعدلة أنه يجب أن تحدد مدة الإيجار أي يجب أن تكون مدة معلومة وبالتالي استبعد المشرع العقود غير المحددة والعقود الأبدية إذ على أساس هذه المدة يتعين مقدار المنفعة التي يستحقها المستأجر ومقدار الأجرة التي يستحقها المؤجر و لم يحددها المشرع الجزائري في التعديل الجديد الحد الأقصى للمدة إلا أنه يستفاد من نص المادة أنه لا يجوز أن يبرم عقد الإيجار لمدة حياة المستأجر وإذا كان الشيء المأجور ملك لقاصر. فلا يجوز أن تزيد مدة الإيجار على 3 سنوات إذا قام بالإيجار وليه أو وصيه.
أما بخصوص بدأ مدة الإيجار فإنها تسري من التاريخ المتفق عليه في العقد. فإذا لم يحدد فمن تاريخ إبرام العقد. وكذلك يجوز اشتراط بدأ الإيجار مستقبلا. وللعلم أن القانون الجديد قد ألغى نظام التجديد الضمني لعقد الإيجار الذي كان يجيز أنه عند انتهاء المدة ولم يقم المؤجر بإجراء التنبيه بالإخلاء ضمن المدة القانونية. فان العقد يتجدد ضمنيا ولمدة غير محدودة وأقر المشرع الجزائري حكما جديدا سهلا من الناحية القانونية حيث بمجرد انتهاء مدة الإيجار ينتهي عقد الإيجار دون الحاجة إلى إجراء التنبيه بالإخلاء. (م.469/1 مكرر 1 ق.م.).
غير أنه يجوز للمستأجر إنهاء عقد الإيجار قبل انقضاء المدة لأسباب جدية ومؤكدة كارتفاع تكاليف الإيجار أو لظروف تتعلق بانتقاله إلى مكان آخر. ففي هذه الحالة يجب على المستأجر أن يخطر المؤجر بإنهاء عقد الإيجار مدة شهرين قبل انتهاء عقد الإيجار.
وقد يحدث أن يتوفى المستأجر قبل انتهاء مدة الإيجار. ففي هذه الحالة لا ينتهي عقد الإيجار بل يستمر العقد إلى حين انتهاء المدة المتفق عليها. ومع ذلك يجوز للخلف العام الذين كانوا يعيشون مع سلفهم مدة 6 أشهر إنهاء هذا العقد إذا أصبح مثقلا عليهم من حيث التكاليف.
4_ السبب في عقد الإيجار:
يعرف السبب في العقود بأنه العنصر المعنوي الذي يسمح بمعرفة لماذا الإرادة تنشا الالتزام فهو الهدف الذي من أجله يؤدي المتعاقد التزامه ويمكن تعريفه بالاعتبارات الاقتصادية التي ينتظر جنيها من طرفا العقد و عليه فالاختلاف واضح بين السبب والمحل فالأول مادي والثاني معنوي و السبب في عقد الإيجار بالنسبة للمستأجر هو استغلال الشيء المؤجر أما بالنسبة للمؤجر فهو الاستفادة من سعر الإيجار.
5_ الكتابة في عقد الإيجار:
إذا كان عقد الإيجار في القانون القديم لم تشترط الكتابة لإبرامه حيث جعلها أمر نسبي فقد تكون مشروطة ببعض القوانين الخاصة بالإيجارات السكنية مثلا ديوان الترقية والتسيير العقاري وكذلك إيجار الأراضي الفلاحية وكذلك الإيجارات المتعلقة بالنشاط العقاري. ولكن هذا لا يمنع أن يكون عقد الإيجار كتابة من أجل إثباته.
وبالرجوع إلى نص م.467 مكرر في ظل تعديل 2007 فانه يشترط الكتابة في عقد الإيجار تحت طائلة البطلان. وعليه فان كتابة عقد الإيجار تعتبر شرط لانعقاده صحيحا. إضافة إلى الشروط التي ذكرناها سابقا.
غير أن المشرع لم يبين طبيعة الكتابة إذا كانت رسمية أو غيرها. وعليه يجب الرجوع للقواعد العامة التي تبين أحكام الكتابة لإثبات الالتزام وليس لانعقاده. ويستخلص أن الكتابة تكون رسمية كقاعدة عامة. ومفادها أن العقد يحرر من طرف موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بالخدمة العامة في حدود سلطاته (م.324 ق.م.) ويجب أن توقع العقود الرسمية من قبل الأطراف والشهود عند الانقضاء ويؤشر الضابط العمومي (الموثق) على ذلك في آخر العقد (م.324/2 مكرر ق.م.). ويعتبر العقد الرسمي حجة حتى يثبت تزويره.
ثالثا_آثار عقد الإيجار على طرفي العقد:
بما أن عقد الإيجار من العقود الملزمة للجانبين، فإنه يترتب على عاتق كل من المؤجر والمستأجر مجموعة من الالتزامات.
1_التزامات المؤجر:
إذا انعقد عقد الإيجارنافذا لازما مستجمعا لاركانه، فإنه يقع على عاتق المؤجر الالتزام بتنفيذ ما اشتمل عليه العقد بصورة تحقق الغاية المشروعة منه، وهذه الالتزامات كالتالي:
أ_الالتزام بتسليم العين المؤجرة:
العين المؤجرة هي محل العقد بالنسبة لالتزامات المؤجر، مما يوجب عليه أن يسلمها على النحو الذي حددت به في العقد. وهذا ما تنص عليه المادة 476/01 من القانون م ج على انه: يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجر للمستأجر في حالة تصلح للاستعمال المعد لها تبعا لاتفاق الطرفين.
بالتالي يعتبر التسليم التزاما أساسيا وجوهريا يتحمله المؤجر ليسمح للمستأجر بحيازة العين المؤجرة حيازة مادية والانتفاع بها. ويجب على المؤجر أن يسلم نفس العين المتفق عليها في العقد بذاتها فلا يجوز له استبدالها إلا بموافقة المؤجر، فإذا تضمن العقد تعيينا للعين المؤجرة التزام المؤجر بتسليم هذه العين من حيث موقعها ومساحتها ومن حيث الغرض المتفق عليه.
إذا تبين بعد التسليم أن مساحة العقار أقل من المتفق عليه فالمستأجر يعتبر محقا في مطالبة المؤجر بتنفيذ التزاماته تنفيذا عينيا إذا كان ممكنا، ففي حالة استحالة ذلك، يحق للمستأجر أن يطالب بإنقاص ثمن الإيجار، أو فسخ العقد. إذا عين في العقد مقدار العين المؤجرة، وزادت العين عند تسليمها في القدر المعين، مما لا يتسامح العرف فيه وكانت الاجرة مقدرة بحسب الوحدة وجب على المستأجر أن يكمل الاجرة، بما يقابل هذه الزيادة. أما إذا كانت هذه الزيادة جسيمة جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد. وهذه المبادئ كلها تقوم على أساس أن العين المؤجرة معينة أما إذا كانت معينة بنوعها التزم المؤجر بتسليم الشيء من نفس النوع والقدر المذكور في العقد. كما أن ملحقات العين المؤجرة يرجع فيه إلى إرادة كل من المتعاقدين المؤجر والمستأجر أولا، فإذا لم توجد اتفاقا رجعوا إلى عرف الجهة التي توجد فيها العين المؤجرة.
_ زمان ومكان ونفقات التسليم:
بالنسبة لزمان التسليم يتم في الوقت الذي حدده المتعاقدان فإذا لم يحددا وقت ما، فإن العرف هو الذي يحدد وقت التسليم وإذا لم يوجد عرف محدد يجب أن يكون التسليم فورا، حتى ولو كانت العين مشغولة وعلى المؤجر في هذه الحالة إخلاؤها. أما مكان التسليم فيكون في المكان الذي اتفق عليه الطرفين، وإذا لم يوجد اتفاق ففي محل وجود العين المؤجرة وقت العقد. ومصاريف التسليم تكون على المؤجر، لأنه هو المدين بهذا الالتزام أما إذا اتفق المتعاقدان على غير ذلك، فيتبع ما اتفق عليه هذا بالنسبة لمصاريف التسليم.
_ جزاء الإخلال بالتزام التسليم:
طبقا للمبادئ العامة، فإنه إذا لم يقم المؤجر بالتزامه بالتسليم تسليما صحيحا ، فللمستأجر الخيار بين طلب تنفيذ الالتزام عينا أو فسخ العقد وله أن يطلب التعويضات عن الضرر الذي أصابه شريطة أن لا يكون راجعا إلى خطأ المؤجر أو إلى قوة قاهرة.
ب_ الالتزام بالصيانة:
من العناصر الجوهرية لعقد الإيجار التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع، يعتبر التزام المؤجر بتعهد العين بالصيانة حق للمؤجر طوال سريان العقد، ويتحمل بموجب القانون بأعمال الصيانة العادية التي يجب عليه القيام بها دون حاجة إلى إعذاره من طرف المستأجر.
_ التزام المؤجر بالصيانة:
تنص المادة 479/01 من القانون م ج على أنه: يلتزم المؤجر بصيانة العين المؤجرة لتبقى على الحالة التي كانت عليها وقت التسليم«. يفرق هذا النص بين الترميمات الضرورية فيلزم بها المؤجر، وبين الترميمات التأجيرية فيلتزم بها المستأجر. حيث يقوم المؤجر بطلاء جدران خارجية، وترميم البلاط للوقاية من تدفق مياه الأمطار، كما يتحمل مسؤولية ترميم وإنارة المصاعد باعتبارها من الأجزاء المشتركة التي يستعملها وينتفع بها وهذا ما نجده في المادة 479/02-03 من القانون م ج على أنه: يجب أن يقوم بالترميمات الضرورية أثناء مدة الإيجار، دون الترميمات الخاصة بالمستأجر….ويتعين عليه أن يقوم لاسيما بالأعمال اللازمة لاسطح من تجصيص وأعمال تنظيف الآبار. كما يتعين عليه صيانة وتفريغ المراحيض وقنوات تصريف المياه.
كما نصت المادة 479/04 من القانون م ج على أنه: يتحمل المؤجر الرسوم والضرائب ومن التكاليف المثقلة للعين المؤجرة . ومفاد هذه المادة أن المؤجر يتحمل كافة التكاليف والضرائب التي تستحق على العين المؤجرة. أما الترميمات التأجيرية، فيلتزم بها المستأجر ويقصد بها الإصلاحات البسيطة التي يقتضيها ما يحدث في العين وملحقاتها من تلف بسبب الاستعمال العادي، حيث يلتزم المستأجر بالقيام بها مثل، إصلاح أسلاك الكهرباء، إصلاح المفاتيح وأنابيب المياه، وزجاج النوافذ…إلخ.
_ الجزاء المترتب عن الإخلال بالالتزام بالصيانة:
نستخلص في نص المادة 480 من القانون.م.ج التي تنص على ما يلي: في حال عدم تنفيذ المؤجر لالتزامه بالصيانة وبعد اعذاره بموجب محرر غير قضائي يجوز للمستأجر المطالبة بفسخ العقد أو إنقاص بدل الإيجار، دون الإخلال بحقه في التعويض.
نفهم من هذه المادة أن الجزاء المقرر للالتزام بالصيانة هو التنفيذ العيني أو الفسخ أو التعويض. أما إذا نشأ عن خطأ المستأجر، أو لسبب أجنبي فلا يلتزم المؤجر بأي تعويض، وأخيرا فإن للمستأجر إذا لم يختار التنفيذ العيني أو التعويض أن يطلب فسخ الإيجار لعدم وفاء المؤجر بالتزامه. ويخضع طلب الفسخ لحكم القواعد العامة، حيث يجب أن يكون مسبوقا باعذار المؤجر بضرورة إجراء ترميمات وللمحكمة سلطة تقديرية للقضاء بالفسخ.
ج_الالتزام بالضمان:
تقضي المادة 483 من القانون م ج على ما يلي: على المؤجر أن يمتنع عن كل تعرض يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز له أن يحدث بها أو بملحقاتها أي تغيير ينقص من هذا الانتفاع
. بناء على هذه المادة فإن المؤجر يضمن كل تعرض ينشأ عن فعله سواء كان ماديا أو قانونيا.
ج_1_ أنواع التعرض الشخصي وشروطه:
يضمن المؤجر تعرضه الشخصي سواء كان هذا التعرض ماديا أو تعرضا قانونيا.
_أنواع التعرض الشخصي:
_ التعرض المادي:
يقصد بالتعرض المادي كل فعل يقوم به المؤجر ويترتب عليه، حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة حرمانا كليا أو جزئيا دون أن يستند فيه إلى إدعاء حق مثال ذلك: أن يقوم المؤجر بهدم العين المؤجرة أو جزء منها، أو يمنع المستأجر من دخول العين المؤجرة، أو أن يمنعه من استعمال المصعد أو السلم أو غيره، أو أن يدخل المؤجر إلى العين دون سبب مجدي.
_ التعرض القانوني:
يتحقق التعرض القانوني إذا ادعى المؤجر حقا على العين المؤجرة في مواجهة المستأجر من شأنه أن يحرم المستأجر من الانتفاع سواء يكون كليا أو جزئيا ومثال ذلك: كأن يكون المؤجر غير مالك للعين المؤجرة، تؤول إليه عن طريق الإرث أو الوصية أو الشراء من مالك، فلا يجوز له أن يستند إلى حقه في الملكية ليسترد من المستأجر العين المؤجرة.
_شروط التعرض الشخصي:
يشترط في الفعل الذي يصدر عن المؤجر والذي يعتبر تعرضا شخصيا
_ أن يكون من شأن الفعل الذي صدر عن المؤجر الإخلال بانتفاع المستأجر على الوجه المقصود بمقتضى عقد الإيجار بالعين المؤجرة أو ملحقاتها.
_ان يقع التعرض أثناء الإيجار حتى لو امتد بعد انقضاء مدته الأصلية.
_قيام المؤجر بأعمال تحول دون انتفاع المستأجر بالعين أو تخل به كهدم العين أو جزء منه أو بعض ملحقاتها فهذا تعرض يوجب الضمان.
ج_2_ جزاء الإخلال بالتزام بالتعرض:
الجزاء المترتب على التعرض الشخصي، إما أن يكون تنفيذا عينيا بعدم التعرض أو فسخ الإيجار كما له أن يطلب إنقاص الأجرة، وفي جميع الحالات أن يطلب التعويض، عما أصابه من ضرر.
ج_3_ التعرض الصادر من الغير:
التعرض الصادر من الغيرلا يضمنه الا إذا كان مبنيا على سبب قانوني، فحسب المادة 484 من القا.م.ج التي تنص على ما يلي: يتعين على المستأجر إخطار المؤجر بالدعوى المرفوعة من الغير الذي يدعي حقا على العين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجر ومطالبته بالضمان . نفهم من نص المادة أن التعرض الصادر من الغير شروط وهي كما يلي:
_أن يصدر التعرض من الغير، ليس من المؤجر وأتباعه.
_ كون التعرض مبنيا على سبب قانوني، أي قائما على إدعاء المتعرض بوجود حق له على العين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجر عليها.
_ وقوع التعرض بالفعل وهو يقع إما بفعل مادي أو بطريق قضائي.
_ التعرض أثناء مدة الإيجار. فإذا تحققت هذه الشروط رجع المستأجر لضمان الاستحقاق على المؤجر وجاز له أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويض إن كان له مقتض وفقا للمسؤولية العقدية.
يجب على المستأجر إخطاره في الوقت المناسب. حتى يتمكن من دفع التعرض فإذا تأخر المستأجر وفاتت على المؤجر الفرصة في دفع تعرضه. وأثبت أن التعرض لم يكن له أساس. سقط المستأجر في الرجوع عليه بالضمان. بل هو الذي يرجع عليه وهذا ما قضت عليه المادة 484/01 من القا.م.ج سالفة الذكر.
أما في حالة إذا تم إخطار المؤجر وجب عليه أن يبادر بدفعه ويكون ذلك متوقفا على كيفية وقوع التعرض. وإذا نجح في دفع التعرض، فلا يكون مسؤولا عن تعويض الأضرار التي أصابت المستأجر. بل لهذا الأخير أن يرجع على المتعرض بالتعويض.، أما المستأجر فلا يمكن له أن يدفع تعرض الغير المبني على سبب قانوني بنفسه. لأن ليس له حق عيني على العين المؤجرة. لكن يجوز له أن يرفع دعوى غير مباشرة على المتعرض على أن يدخل المؤجر فيها.
د_ الالتزام بضمان العيوب الخفية:
تقتضي المادة 488 من القا.م.ج على ما يلي: يضمن المؤجر للمستأجر باستثناء العيوب التي جرى العرف على التسامح فيها. كل ما يوجد بالعين المؤجرة من عيوب تحول دون استعمالها. وتنقص من هذا الاستعمال نقصا محسوسا. ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك. ويكون كذلك مسؤولا عن الصفات التي تعهد بها صراحة غير أن المؤجر لا يضمن العيوب التي أعلم بها المستأجر. أو كان يعلم بها هذا الأخير وقت التعاقد
مفاد هذه المادة أنه يقع على عاتق المؤجر التزام بضمان المستأجر جميع ما يوجد في العين لمؤجرة من عيوب تحول دون الانتفاع بها. أو تنقص منه إنقاصا كبيرا. ولكن لا يضمن العيوب التي جرى العرف بالتسامح فيها. وهو مسؤول عن الصفات التي تعهد بها صراحة. ومع ذلك لا يضمن المؤجر العيب إذا كان المستأجر قد أخطر به. أو كان يعلم به وقت التعاقد.
2_ التزامات المستأجر:
يلتزم المستأجر بعدة التزامات وهي الالتزام بدفع الأجرة. الالتزام باستعمال العين المؤجرة بحسب ما أعدت له. الالتزام برد العين المؤجرة للمؤجر. والمشرع الجزائري تناول هذه الالتزامات من المادة 491 إلى 503 من القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 07-05.
أ_ الالتزام بدفع الأجرة:
الأجرة هي ما يجب على المستأجر أدائها مقابل انتفاعه بالشيء المؤجر. فهي كما رأينا فيما تقدم محل التزام المستأجر وعنصر جوهري لانعقاد عقد الإيجار. وطبقا لنص المادة 498 من القا م ج التي تنص على أنه:
يجب على المستأجر أن يقوم بدفع بدل الإيجار في المواعيد المتفق عليها. فإذا لم يكن هناك اتفاق وجب الوفاء ببدل الإيجار في المواعيد المعمول بها في الجهة. ويكون دفع بدل الإيجار في موطن المستأجر. ما لم يكن اتفاق أو عرف يقضي بخالف ذلك.
إن تحديد بدل الإيجار هو مبدئيا من شأن الفريقين المكونين لعقد الإيجار وهما المؤجر والمستأجر.ويعود إلى إرادتهما. في الغالب يجب أن يقوم المتعاقدين مباشرة بتعيين الأجرة التي يلتزم المستأجر بأدائها في الإيجار وأن يتفقا على الأسس الموضوعية التي تحدد بمقتضاها.
وإذا لم يعين الطرفان الأجرة ففي هذه الحالة ينعقد العقد بأجرة المثل. ويجب على المستأجر أن يدفع الأجرة على المدة كلها ولو لم يكن ينتفع بالعين المؤجرة طوال مد ة الإيجار. كما يجوز أن يكون دفع الأجرة لتابع المؤجر. إلا الوفاء للمؤجر في حالة وجود اتفاق على أن يكو شخصيا. والمدين بالاجرة هو المستأجر. إذا تعدد المستأجرون. فلا يلتزمون على وجه التضامن إلا إذا وجد اتفاق صريح على ذلك. وتنتقل الأجرة من المستأجر إلى ورثته. ولا يلتزم هؤلاء بدفعها بطريقة التضامن عن المدة التالية لوفاة المستأجر. أما أجرة المدة السابقة على الوفاة فهي تجب على التركة. أما في حالة ما إذا أحال المؤجر حقه في الأجرة إلى شخص آخر. وقبل المستأجر الحوالة فيجب أن يدفع الأجرة للمحال له.
ب_ التزام المستأجر باستعمال العين المؤجرة فيما أعدّت له والمحافظة عليها:
ب1_ التزام المستأجر باستعمال العين المؤجرة فيما أعدّت له:
على المستأجر أن يستعمل العين المؤجرة في الغرض الوارد في عقد الإيجارفإن كان الغرض هو السكن. فلا يجوز استعمال العين في غير ذلك.
على هذا الصعيد نصت المادة 491 من القا م ج على أنه: يلتزم المستأجر بأن يستعمل العين المؤجرة حسبما وقع الاتفاق عليه. فإن لم يكن هناك اتفاق وجب على المستأجر أن يستعمل العين المؤجرة بحسب ما أعد ت له.
كما تنص المادة 492 من نفس القانون على أنه: لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة أي تغيير بدون إذن مكتوب من المؤجر”. إذا أحدث المستأجر تغييرا في العين المؤجرة يلتزم بإرجاعها إلى الحالة التي كانت عليها ويعوض الضرر عند الاقتضاء.
إذا أحدث المستأجر بإذن المؤجر تغييرات في العين المؤجرة زادت في قيمتها. وجب على المؤجر عند انتهاء الايجار. أن يرد للمستأجر المصاريف التي أنفقها أو قيمة ما زاد في العين المؤجرة. ما لم يوجد اتفاق يقضي بخالف ذلك
من خالل هذا النص نستخلص أن المستأجر يلتزم بعدم إجراء أي تعديل ضار بالعين بغير إذن المؤجر. فليس له فتح نافذة أو سدها. فيكون مخلا بالتزامه إذا تخلف عن ذلك ضررا للمؤجر فيلتزم المستأجر بتعويض المؤجر عن ذلك الضرر. وإذا لم يحدث ضررا للمؤجر جاز له أن يقوم بالتعديل شرط أن يعيد العين المؤجرة إلى أصلها عند نهاية
نصت المادة 493 من القا م ج على أنه: يجوز للمستأجر أن يضع بالعين المؤجرة أجهزة لتوصيل المياه والكهرباء والغاز والتلفون وما يشبه ذلك. على شرط أن لا تخالف طريقة وضع هذه األجهزة القواعد المعمول بها. إلا إذا أثبت المؤجر أن وضع هذه الأجهزة تهدد سلامة العقار.
ب_2_المحافظة على العين المؤجرة:
طبقا لنص المادة 495 في فقرتها الاولى من القا م ج والتي تنص على أنه: »يجب على المستأجر أن يعتني بالعين المؤجرة وأن يحافظ عليها مثلما يبذله الرجل العادي…«. نستخلص من هذا النص أن المستأجر يلتزم بالمحافظة على العين المؤجرة أثناء مدة الإيجاروبأن يبذل في ذلك. ما يبذله الرجل العادي. وطبقا لنص المادة 495/2 من القا م ج والتي تنص على أنه: »…وهو مسؤول عما يلحق العين أثناء انتفاعه بها من فساد أو هلاك غير ناشئ من استعمالها استعمالا عاديا«.
بهذا يكون المستأجر مسؤولا عما يلحق العين أثناء انتفاعه بها من فساد أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالا عاديا ومعنى هذا أنه على المستأجر أن يتصرف كالرجل المعتني. وعليه أن يقوم بالترميمات الخاصة بالايجار. وهي التزامات لا تتطلب تدخل المؤجر. كإصالح الزجاج أو قنوات صرف المياه أو الطلاء.
يترتب على مخالفة المستأجر لالتزامه باستعمال العين المؤجرة استعمالا عاديا. بأنه يمكن للمؤجر إما أن يطلب إصلاح ما وقع إفساده أو تغييره أو التعويض. كما يعد المستأجر مسؤولا عن حريق في العين المؤجرة إلا إذا كان السبب الذي أدى إلى الحريق أجنبي. أي بفعل قوة قاهرة. أو بفعل الغير أو فعل المؤجر.
هذا ما جاء في نص المادة 496/1 من القا م ج و التي تنص على أنه: »المستأجر مسؤول عن حريق العين المؤجرة. إلا إذا أثبت أن الحريق نشأ عن سبب ليس من فعله«. أما إذا تحققت مسؤولية المستأجر بوقوع الحريق. ولم يتمكن من إثبات عدم مسؤوليته. وجب عليه إعادة العين المؤجرة إلى الحالة التي كانت عليها. أو أن يدفع إلى المؤجر المصروفات اللازمة. وكما نصت المادة 496/2 من الق.م.ج على أنه: »…فإذا تعدد مستأجرون لعقار واحد. كان كل واحد منهم مسؤولا عن الحريق بالنسبة للجزء الذي يشغله بما فيهم المؤجر إذا كان يسكن العقار. إلا إذا ثبت أن الحريق بدأ نشوبه في الجزء الذي يشغله أحد المستأجرين فيكون وحده مسؤولا عن الحريق«.
ج_الالتزام برد العين المؤجرة:
طبقا لنص المادة 502 من الق.م.ج التي تنص على أنه: »يجب على المستأجر أن يرد العين المؤجرة عند انتهاء مد ة الإيجار فإذا أبقاها تحت يده دون حق وجب عليه أن يدفع للمؤجر تعويضا باعتبار القيمة الإيجارية للعين وباعتبار ما لحق المؤجر من ضمان«.
_ يلتزم المستأجر برد العين المؤجرة وملحقاتها. وهو يلتزم برد العين ذاتها وليس قيمتها أو إعطاء شيء آخر غيرها ولو كانت في حالة تلف. وتتحدد حالة العين بحسب ما هو مذكور في محضر الجرد وهذا ما نصت عليه المادة 503 في فقرتها الأولى من القا م ج على أنه: »يجب على المستأجر أن يرد العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها وقت تسلمها ويحرر وجاهيا محضرا أو بيان وصفي بذلك«.
اما في حالة غياب محضر الجرد فقد افترض المشرع. أن المؤجر استرد العين المؤجرة في حالة حسنة. غير أن هذه القرينة قابلة لاثبات العكس وهذا ما جاء في نص المادة 503 في فقرتها الثانية والتي تنص على أنه: » إذا تم رد العين المؤجرة دون تحرير محضر أو دون بيان وصفها يفترض في أنه استردها في حالة حسنة. ما لم يثبت العكس«. وكما يعتبر المستأجر مسؤوال عما يلحق العين المؤجرة من ضرر الا إذا أثبت المستأجر أن الهلاك والتلف لم يكن ناتجا عنه وهذا ما جاء في نص المادة 503 في فقرتها الثالثة من القا م ج والتي تنص على أنه: »…المستأجر مسؤول عما يلحق العين المؤجرة من هلاك أو تلف ما لم يثبت أنه لا ينسب إليه«.
_يتحدد ميعاد الرد بوقت انتهاء الإيجار سواء بانتهاء مدته أو بفسخه قبل ذلك. أما عن مكان الرد يكون في المكان الذي سلمت فيه للمستأجر ما لم يقض الاتفاق أو العرف بخلاف ذلك.
_إخالل المستأجر بالتزامه يتحقق إذا تأخر في رد العين المؤجرة. أو ردها في حالة هلاك أو تلف أو لم يردها كلها أو بعضها. وجب على المؤجر المطالبة بالتعويض. ويقدر هذا الأخير بقدر الضرر الذي أصاب المؤجر. كما يجوز لهذا الأخير طلب التنفيذ العيني إذا كان ممكنا.
الخاتمة:
يتضح لنا من خلال دراستنا لعقد الإيجار أن له أهمية بالغة خاصة في المجال الاجتماعي فهو قوام الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة وهو في نفس الوقت يلعب دورا هاما في المجال الاقتصادي إذ يعتبر من خير طرق استغلال الأموال فضلا عن هذا فانه يجعل المؤجر والمستأجر في اتصال دائم طوال مدة الإيجار مما يجعل النصوص القانونية المتعلقة بعقد الإيجار من أكثر النصوص المتعامل بها ويجعل كذلك القضايا المتعلقة بالإيجار المرفوعة أمام المحاكم أكثر القضايا عددا مما يستلزم الدقة في صياغة القواعد القانونية المتعلقة بعقد الإيجار.
المصادر:
_حمدي باشا عمر، دراسات قانونية مختلفة، عقد الإيجار، ملاحظات تطبيقية حول العقود التوثيقية، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر، 2002.
_بوحازم ليلى، عجيسي سعيدة، عقد الإيجار في التشريع الجزائري، مذكرة تخرج لنيل شهادة ليسانس في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، .2002-2001
_قانون رقم 07-05 ،المؤرخ في 13 ماي 2007 المعدل والمتمم للقانون المدني، ج.ر عدد 31
_مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقـــــــوق شعبة القاانون الخاص.اعداد: أدرار سعاد، منصوري سلوى. بعنوان: عقد الإيجار في القانون المدني الجزائري.2012 2013.